samedi 20 septembre 2008

الهجرة السرية بإسبانيا : من سياسة التشريع إلى إجراءات الترحيل



الهجرة السرية، باعتبارها حركة غير طبيعية، أصبحت أكثر الملفات إثارة للقلق في المشهد الدولي، هدا علاوة على أنها تعد من بين الأسئلة الأكثر إرباكا للحسابات السياسية في العلاقات الدولية خاصة في ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
فالتغيرات والتطورات المتسارعة التي عرفتها ظاهرة الهجرة في أشكالها ودينامياتها جعلت الموضوع يحظى في العقود الأخيرة بأهمية كبرى ضمن مختلف الدراسات الأكاديمية واللقاءات الدولية،ليصير اهتمام العديد من المؤسسات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، وشكل محور العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية بين مختلف الدول. فما من لقاء رسمي ثنائي وغير رسمي إلا وأصبح فيه الموضوع ضمن أولويات الأجندة المطروحة على المسؤولين، وفي ذلك تأشير على قوة الموضوع في صياغة السياسات المستقبلية وبناء العلاقات الدبلوماسية الثنائية.
ولم يكن هذا ليكون لولا أن التطورات الاقتصادية، السياسية والاجتماعية التي عرفها العالم والمرتبطة بعولمة الاقتصاد والسياسة والثقافة في إطار ما يسمى "بالنظام العالمي الجديد" قد عجلت في المرحلة الراهنة بتدفق المهاجرين السريين من ضفة الجنوب الفقير والمهمش إلى بلدان الشمال الوافرة فيها فرص الشغل والعيش الكريم.
فالمعطيات والتقارير والإحصائيات المتعلقة برصد الظاهرة وتشخيصها تشير إلى أن قضية المهاجرين السريين من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط نحو القارة العجوز شهدت تطورات مهمة ومتسارعة في السنوات الأخيرة، وذلك بارتفاع عدد المهاجرين اللاشرعيين الذين تمكنوا من الدخول إلى الأراضي الأوربية،الأمر الذي دفع بالاتحاد الأوروبي إلى سن سياسة متشددة بشأن الهجرة إليه من دول الجنوب. هذا التوجه الجديد يسعى إلى تقنين الظاهرة وتنظيمها عبر سياسة هجرة تقوم على تنظيم عملية التجنس والحد من التجمع العائلي ومحاربة الهجرة غير النظامية بالإضافة إلى ما سبق أصبحت الهجرة ،رهانا رئيسيا واستراتيجيا في العلاقات بين دول الجنوب والشمال ورقما مهما في المعادلة المتوسطية، إن لم نقل إنها من أكثر الملفات المؤثرة في تدبير مشروع الشراكة الأورومتوسطية الهادفة إلى تحقيق الأمن والسلم والرفاه الاقتصادي.
ونظرا لصعوبة تدبير هذا الملف المعقد والمتشابك الأطراف سعى الاتحاد الأوربي إلى بلورة سياسة إزاء البلدان المصدرة لتدفقات الهجرة وبلدان العبور، أخدا بعين الاعتبار أن إيقاف زحف المهاجرين السريين لا يمكن أن يكون خارج إطار إستراتيجية شمولية واضحة ترتكز على الجانب التنموي بما يتوافق مع المعاهدات والمواثيق الدولية ،خاصة معاهدة جنيف الخاصة باحترام حقوق المهاجرين وعائلاتهم، وكذا بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولم يكن هذا ليكون لولا أن المقاربة الأمنية التي يهدف من خلالها الاتحاد الأوربي مراقبة حدوده والتصدي لظاهرة الهجرة السرية بشكل أحادي وإغلاق الحدود في وجه المهاجرين بدون كفاءات وطالبي اللجوء السياسي أبانت بشكل واضح عن فشلها في معالجة الظاهرة.
وما يبرر الطابع الأمني الذي يطغى على السياسة التي ينهجها الاتحاد الأوربي في مجال تدبير ملف الهجرة هومصادقته يوم الأربعاء 14 يونيو 2008 على قانون يقضي بترحيل كل الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني بدول الاتحاد الأوربي ويقضي هذا القانون على إمكان إبعاد المهاجرين أو احتجازهم لفترة لا تتجاوز 18 شهرا ونفيهم 5 سنوات بعد الإبعاد.
فهل الترحيل سيكون الحل الأنجع لحل المعضلة؟ وهل تشريع وضع المهاجرين يشجع على المزيد من الهجرة؟.
تشير الإحصائيات الرسمية أن أكثر من أربعة ملايين مهاجر يقيمون بإسبانيا بطريقة قانونية فيما تقدر السلطات الذين يقيمون بدون وثائق رسمية بحوالي نصف مليون شخص ومنذ نحو عقد كان عدد المهاجرين في اسبانيا يمثل 2 % من السكان ، ولكن ارتفع هذا الرقم إلى أكثر من 10% في الوقت الحالي حيث أتى 20% منهم من أفريقيا.
وتشير التقديرات الحكومية الاسبانية إلى أن دور المهاجرين في النمو الذي تعرفه اسبانيا وصل إلى نسبة 75% وتعتبر اسبانيا من أكثر الدول التي أطلقت مبادرات إنسانية وقانونية منذ ثلاثة أعوام من اجل تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين فوق أراضيها عبر منحهم حق الإقامة وقد شرعت اسبانيا في السنوات الأخيرة من تسوية أوضاع قرابة 600 ألف عامل من أفريقيا، أمريكا اللاتينية وشرق أوربا ساعدوا في النهوض باقتصاد البلاد وقد توخت الحكومة الاسبانية من ذلك البرنامج حماية المهاجرين غير الشرعيين من الاستغلال وضمان حقوقهم المدنية والاجتماعية وتسهيل اندماجهم في المجتمع الاسباني . وتعد اسبانيا من أكثر الدول التي طبقت برنامج لتشريع أوضاع المهاجرين غير الشرعيين حيث نفذت ستة برامج منذ عام 1985 غير أن تلك الإجراءات قوبلت بالتحفظ من قبل الدول الأوربية إذ يعتبرها المسؤولون الأوربيون تشجيعا للهجرة غير الشرعية.
ويرجع هذا إلى الرخاء الذي شهدته اسبانيا في السنوات الأخيرة والحاجة إلى العمالة الأجنبية فاسبانيا تعتبر من بين الدول الأكثر تقدما و تلعب دورا سياسيا واقتصاديا بارزا وتمتلك مقومات اقتصادية عالية أدت إلى جذب استثمارات في مجالات متعددة خاصة في شبكات الاتصالات والطرق والتعمير وغيرها من البنيات الأساسية التي أهلت المملكة لاحتلال مكانة اقتصادية مرموقة داخل الاقتصاد العالمي .
لكن مع تباطؤ الاقتصاد الاسباني في السنوات الأخيرة وتراجع معدل التنمية والركود الذي تعرفه مجموعة من القطاعات الحيوية أدى إلى ارتفاع معدل البطالة خاصة في صفوف المهاجرين بنسبة 14.7% مقابل 8.7% بين المواطنين الإسبان والذي افرز بدوره ظواهر اجتماعية كالجريمة المنظمة العابرة للحدود والتي تنشط في تهريب البشر من الدول النامية إلى اسبانيا . كل هذه العوامل دفعت بالحكومة الاسبانية لتغيير موقفها تجاه ملف الهجرة والمهاجرين. ويتجلى هذا الانحراف أساسا في الحملات التي تشنها قوات
الأمن في صفوف المهاجرين غير الشرعيين لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية .
وتشير المعطيات إلى أن مشكلة الهجرة ستظل قائمة رغم الجهود الأحادية الجانب التي تبذلها أوربا في مجال الأمن نظرا للتطورات الديمغرافية المتسارعة التي تشهدها دول شمال إفريقيا
وفي هذا الصدد كشفت دراسة حديثة أن اسبانيا بحاجة إلى ملايين المهاجرين الجدد خلال العشر سنوات المقبلة خاصة من الأيدي العاملة.
ووفقا للإحصائيات التي كشفت عنها هذه الدراسة التي أجريت تحت إشراف مؤسسة" مقاولة ومجتمع " فانه من الآن وحتى عام 2020 ستكون اسبانيا في حاجة إلى أكثر من مليوني مهاجر أي أكثر من 150 ألف مهاجر سنويا.
وبحسب الدراسة فان الاقتصاد الاسباني لا يزال يحتاج الى اليد العاملة الأجنبية في مجموعة من القطاعات الحيوية بسبب الركود الديمغرافي الطويل الذي يعيش فيه المجتمع الاسباني ( تراجع نسبة الولادات بمعدل طفل لكل أسرة اسبانية بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الشيخوخة بين الاسبان ).
وفي نفس الاتجاه يرى بعض الخبراء ان المجتمع الاسباني يشهد تحولا راديكاليا في بنيته الاقتصادية والاجتماعية وان نسبة المهاجرين سترتفع بشكل ملموس في السنوات العشر المقبلة اغلبهم سيأتون من الشرق والغرب أي من أوربا الشرقية ومن أمريكا اللاتينية والذين ستصل نسبتهم إلى أزيد من 80 % فيما سيتراجع عدد المهاجرين المسلمين القادمين من شمال إفريقيا وبلدان جنوب الصحراء.
وفي الأخير يمكن الجزم بان الاتحاد الأوربي انطلاقا من القانون الذي صادق عليه والقاضي بترحيل الأشخاص المقيمين في الاتحاد بشكل غير قانوني يكون قد اتجه نحو سياسة أكثر تشددا في مجال تدبير الملف وهو ضرب للطابع الكوني لحقوق الإنسان باعتباره يتضمن عددا من البنود لا تتوافق مع التزامات الدول الأعضاء في مجال حقوق الإنسان وخصوصا الحقوق الأساسية للمهاجرين .ويبين القانون كذلك أوجه القصور في الرؤية الأوربية في مجال تدبير الهجرة والتي يولي من خلالها الأوربيون اهتماما كبيرا لاحتياجات سوق الشغل الأوربي دون التركيز على التنمية والتعاون مع دول الجنوب بالإضافة إلى تركيزه على الجانب الأمني كإنشاء معسكرات لاحتجاز مهاجرين غير شرعيين وبرامج الدعم المالي والتقني لحكومات الدول المغاربية لحراسة الحدود البرية والبحرية ومن المؤكد أن كل هذه المشاريع والقوانين رغم أهميتها لا يمكن أن تكون الحل الأنجع لتدبير ملف الهجرة في غياب إستراتيجية شمولية ترتكز على التنمية وتقليص الفوارق بين الشمال والجنوب.

vendredi 19 septembre 2008

الهجرة، العولمة، والتنمية: أية مقاربة؟


قبيل نهاية الألفية الثانية عاشت المجتمعات البشرية على إيقاع انهيار المعسكر السوفياتي، وحينذاك هب الكثير من المحللين الاقتصاديين والسياسيين وكبار المنظرين والفلاسفة والمؤرخين ومعهم بعض الصحفيين إلى استصدار مواقف متباينة فيما يخص التطورات اللاحقة لهذا الحدث الكبير.
ونشرت جريدة financial Times مقال لجيمس مورغان جاء فيه" أن انهيار المعسكر السوفياتي قد ترك المجال شاغرا أمام صندوق النقد الدولي ومجموعة السبعة الكبار G7 للتحكم في العالم وخلق مرحلة إمبريالية جديدة... وإن إقامة نظام عالمي جديد هي صنيعة السبعة الكبار وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية. غير أن هذا النظام يعمل ضمن نسق غير مباشر للحكم... "
لسنا هنا بحاجة إلى إعادة تقرير هذه المسلمة التي أصبحت بديهية لدى العام والخاص، ولكن بديهي أن نقيم بينها، كعلاقة جديدة تربط هذه البنيات الاجتماعية، وبين الفئات الاجتماعية في إطار البلدان السائرة في طريق النمو، مقاربة واضحة من أجل استكشاف الانعكاسات الإيجابية والسلبية التي أدت إلى بروز ظواهر اجتماعية طفت على السطح من دون أية مقاومة، وطبيعي جدا أن يهب عدد ليس بالهين من المتتبعين للشؤون العامة لهذه البلدان إلى دق ناقوس الخطر، بعد إعلانها عبر وسائل الإعلام.
ولا أخال أن أحدا يشك في أن واقع البلدان المتخلفة ازداد سوءا بظهور ظواهر اجتماعية تتقدمها ظاهرة الهجرة عموما والسرية خصوصا. أيضا لسنا هنا بحاجة إلى إعطاء مواقف مختلفة إزاء هذا التطور الذي لحق هذه المجتمعات من حيث انصهارها أو عدمه في متطلبات العولمة أو متطلبات اقتصاد السوق في مرحلته الجديدة. فهذا ليس من اختصاصنا وإن كنا نحاول التماس بعض الأفكار في المجال الاقتصادي لمحاولة رصد ثغرات أي نظام اقتصادي أو أي شكل من أشكال النظام الرأسمالي.
من هنا فإنه لم يعد لكل هذه البلدان إلا خيار الانخراط في هذا التطور، مادامت لا تملك المقومات الحقيقية لولوج أي خيار آخر قادر على الإجابة على الإشكالات التي تعانيها التنمية فيها. وأكيد جدا أن الذي سيتأخر في محاولته الفاشلة لإيجاد منفذ لأزماته سيخلق أزمات أخرى جديدة...
إلا أن ترتيب هذه البنيات الاجتماعية ضمن هذا التنسيق الجديد في إطار نظام عالمي جديد، كلف وسيكلف القوة العظمى والقوى الثانوية الكثير من الحروب لإعادة ترتيب هذه الأقاليم وفق متطلبات السوق الجديدة، مما سينعكس على مستوى العلاقات الدولية بإفراز تكتلات اقتصادية وبالتالي سياسية تسعى إلى المساهمة في هذا الترتيب، هذه التكتلات الاقتصادية التي تتطور ضمن قوانين المنافسة التجارية الحرة والمضاربات المالية القوية، أفرزت بشكل أو بآخر، بتوجيه من المؤسسات المالية الكبرى تحالفات متنوعة من أجل البقاء على المصالح للكثير من المقاولين في نفس الوقت الذي أطاحت فيه بالعديد من المؤسسات الاقتصادية في عالمي المال والأعمال (شركات، معامل، مصانع...)
هذه الوضعية الجديدة التي زلزلت كل البنى المتخلفة، واكبت التطور غير المسبوق لوسائل الاتصال السمعية البصرية ووسائل الإعلام والمعلوميات بشكل عام، والذي ساعد على تحقيق سرعة الانتقال في الحين إلى متابعة هذه التشوهات الجديدة التي يلحقها التطور العولمي في اتجاه تحقيق ما تصبو إليه القوى العظمى المعاصرة، كما واكبت في نفس الوقت الاستهانة بكل القيم والقوانين الدولية المساعدة على إبقاء ظروف الحوار والتواصل الدولي مفتوحا للعموم؛ من دونه لا يمكن للبشرية جمعاء أن تنعم بالأمن والسلام الدوليين؛ في إطار مؤسسات دولية (الأمم المتحدة، مجلس الأمن...) تحترم فيها السيادة الدولية لكل الأمم.
في ظل هذه الشروط الدولية، نمت الكثير من العلاقات بين الدول المتقاربة خاصة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهكذا برزت إلى الوجود تكتلات أورومتوسطية، احتوت العديد من البلدان المطلة على البحر جنوبا أو شمالا أو شرقا بما في ذلك إسرائيل التي لم يكن لها وجود دولي من ذي قبل إلا في منتصف القرن الماضي. هذه التكتلات الدولية لم تأت إلا استجابة للعديد من المطالب في إطار المصالح المشتركة، مؤطرة ضمن الحوار الحضاري بين شعوب تلك البلدان في محاولة لإقناع العديد من الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين للإنخراط في العديد من الأوراش الاقتصادية والسياسية والثقافية للإجابة عن العديد من الظواهر الاجتماعية التي استفحلت تباعا، كنتائج لهذه التطورات الرأسمالية (الهجرة السرية، الجريمةالمنظمة، المخدرات، الإرهاب الدولي...).
وما الهجرة السرية سوى واحدة منها، نود عبر هذا المقال إلى سبر أغوار هذه الظاهرة التي بدأت تسيل الكثير من المداد، وتدفع نشوء العديد من العلاقات الدولية على أساس القضاء عليها، كما فتحت المجال إلى بروز العديد من المنتديات المهتمة بها، إن لم نقل أنها أصبحت ضمن اهتمامات الكثير من المراقبين الدوليين من جميع البلدان.
واستطاع العديد من الشبان والشابات بامتطائهم لزوارق الموت إلى العبور إلى الضفة التي توفر الشغل كانعكاس أول للعولمة في بلدان التخلف، كما استطاع هؤلاء إلى إعطاء صورة لأقرانهم من بلدان جنوب الصحراء إلى حذو حذوهم عبر شواطئ المتوسط والأطلنتي.
واستقبلت بلدان القوى الثانوية العديد منهم على أساس احتوائهم، وفرضوا عليها ضرورة إدماجهم في نظامها، وقتل من قتل ومات من مات. في الوقت الذي أثارت فيه الظاهرة هواجس العديد من المهووسين بتنظيم هذه الظواهر في نسق ما يسمى بالمجتمع المدني، ليتم الاشتغال عليهم ضمن مهامهم المدنية والاجتماعية (أي على المهاجرين السريين ) واسترزق البعض الآخر على أساس الظاهرة نفسها من اجل تحقيق المآرب الخاصة، فأي انعكاس لهذه العلاقة بين المجتمع المدني وظاهرة الهجرة السرية في إطار العلاقة القائمة بين الهجرة والتنمية عموما؟
الهجرة،حسب العديد من المهتمين والباحثين، ظاهرة تاريخية ساهمت في إعمار الأرض، وربما ستساهم في إعمار الكون الممكن الحياة فوقه، وهي تلعب دورا هاما في تلاقي مجموعات بشرية متنوعة الثقافات، مما يسمح بالتلاقح الثقافي وبناء حضارة إنسانية مشتركة لكن ثمة أيضا وجه سيء. هذا الوجه الآخر كان هو السبب في أن يحظى هذا الموضوع في العقود الأخيرة بأهمية كبرى ضمن مختلف الدراسات الأكاديمية واللقاءات الدولية ومحور اهتمام العديد من مؤسسات المجتمع المدني أو جمعياته الحكومية وغير الحكومية؛ وتشكل محور أساس العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية بين الدول، ولم يكن هذا ليكون لولا أن التطورات ذات الاتجاه الواحد والسالفة الذكر، قد سارعت في المرحلة التاريخية المعاصرة إلى تدفق المهاجرين السريين أو اللاشرعيين من بلاد الجنوب الفقير إلى بلدان الشمال الوافرة فيها فرص الحياة الكريمة، التي يخلقها تواجد فرص الشغل المنتفية في البلدان التي تصدر هذه الأعداد المتزايدة من المهتمين بمفهوم المجتمع المدني الذي يسعى رواده إلى احتواء الظاهرة والمساهمة في تحقيق مناعته سعيا إلى لعب دور المنظم والمؤطر للعديد ممن فقدوا الأمل في إيجاد لقمة العيش على أٍرض وطنهم في الجنوب. قلت هذا المفهوم يستدعي منا وقفة ولو قصيرة لتحديد المفاهيم والأدوار الممكن أن تلعبها العديد من مؤسساته.
إذا علمنا أن مفهوم المجتمع المدني لا يقتصر على الجمعيات ذات المنفعة العامة في شتى المجالات والحقول البيئية والتنموية والثقافية والحقوقية، ذات الطابع الخيري والتوجه التعاوني، فإن عمل مؤسسات أخرى في ذات المجالات، يعتبر من صميم تدخل المجتمعات المدنية، والقطاع الخاص، ومؤسسات تابعة لهيئات الأمم المتحدة، والهيئات الدبلوماسية كالسفارات...إلخ التي تندرج بعض تدخلاتها عبر منظمات غير حكومية ضمن مشاريع المجتمع المدني ولا يهمنا الكشف عن العلاقة الموجودة بين العديد من الجمعيات التابعة لأحزاب سياسية أو نقابات أوجمعيات سياسية في إطار التنسيق بينهما من أجل تحقيق مآربها عبر أهداف معلنة وغير معلنة.
ويرى بعض المحللين أن مكانة منظمات المجتمع المدني تنحصر بالضرورة بين إرادة استعمالها كأدوات تابعة لجهات معينة تخدم أهدافها المبيتة، وبين قدرتها على فرض نفسها، كمدافع عن حقوق المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين ورصد الحقائق المرتبطة بالظاهرة.
وبالرغم من ذلك فلا يمكن نفي دورها الإشعاعي في تعميق الوعي بضرورة إيجاد سبل الاندماج في المجتمع من دون اللجوء إلى المغامرة غير المشروعة عبر زوارق أباطرة المخدرات أو زوارق المافيات المتخصصة في التهريب؛ والتي تحقق عائدات مالية خيالية سواءا تعلق الأمر ببلدان الاستقبال أو التصدير.
اللجوء إلى القارة العجوز لا يتم فقط عبر ركوب مياه البحر بل كذلك عبر التلاعب بالقانون، فقد يتم تسليم تأشيرات للعديد من المندسين داخل إطارات بصفة منشطين للحضور إلى لقاءات رياضية أو فنية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية ثم يتم الزج بهم في غياهب الهجرة السرية بعد الإبحار إلى الضفة الأخرى.
كما أن الإختباء داخل الشاحنات يشكل طريقا للعديد من المرشحين للهجرة السرية...كل هذه الأشكال مرشحة للارتفاع وإبداع أشكال جديدة للعبور إلى أوربا هذا أمر لا جدال فيه... وقد يرى البعض الآخر في نفس الاتجاه أن "الحريق الجمعوي" قد يساهم هو أيضا في الانتشار المتزايد للمهاجرين السريين عبر ستار تبادل الزيارات واللقاءات بين الضفتين؛ ولا غرابة في ذلك مادام الواقع يعكس صحة تلك الاستطلاعات.
كيف يمكن التصدي لآثار هذه الظاهرة؟

وهل من الممكن أن لا ينعكس ذلك على الحقوق الدولية للمهاجرين في حركة تنقلهم مما ينص عن ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الثالثة عشر؟
أيمكن اعتبار الموقف القائل بأنه أضحى من الواجب التصدي لكل من "يحاول تقسيم البشرية إلى صنفين، صنف له الحق في التنقل عبر خريطة العالم، وصنف لا يملك ذلك الحق، هو موقف معقول؟
وهل المقاربة الأمنية ستكون الحل الأنجع لحل المعضلة، التي ما فتئت تتفرع عنها ظواهر أخرى من مثيل طلبات اللجوء السياسي المقرونة بالعديد من التساؤلات؟
في هذا الصدد يمكن القول أن هذه الظاهرة استطاعت بالفعل أن تجد لها موقع مؤسساتي جديد لا في المجتمع المدني فحسب، بل أيضا على مستوى الأجهزة الأمنية للدول المعنية بها خاصة دول غرب المتوسط.
ولا أدل على ذلك من المؤسسات التي استحدثت بالمملكة المغربية خاصة مديرية الهجرة ومراقبة الحدود، في يونيو العام الماضي. وبعد سنة من استحداثها ركزت المديرية جهودها الأمنية،حسب المدير المكلف بالملف في إستجوابه مع يومية "لوماتان " ليوم الإثنين 23 يناير 2006، في اتجاه احتواء الظاهرة والحد منها من خلال متابعة الملفات المختلفة على الصعيد الأوروإفريقي. وتحددت معالم استراتيجية المديرية الفتية في مجال تخصصها في إطار تشريعي عام (قانون03-02 الخاص بإقامة الأجانب) في خمس مكونات أساسية يتصدرها المكون الأمني، المرتبط بشكل وثيق بباقي المكونات الأخرى وهي: التواصل: تتطلب المحاربة في مجال الهجرة السرية، تواصل كل الأطراف داخليا وخارجيا من أجل تحقيق الهدف، وهو منع تسرب آلاف الأجانب بشكل غير شرعي على بلدان في حاجة إلى تحقيق أمنها الداخلي واستقرارها الدائم أولا وأخيرا. التحسيس: كما يتوقع أن يكون لمبدأ التحسيس من خطورة الآثار الناتجة عن عدم محاربة هذه الآفة، وقع خطير على كل المساندين لهذه التنقلات الغير المشروعة. التعاون هذا المبدأ يعد بمثابة أسس هذه المكونات، باعتباره يفتح المجال لتواصل بين الفرقاء الاجتماعيين وطنيا ودوليا، مما يسهل على الحكومات ومنظمات المجتمع المدني إلى التوصل إلى حلول ناجعة لتدبير ملف الهجرة السرية في إطار يحترم كرامة الإنسان وعدم دوس حقوقه المشروعة والمتعارف عليها دوليا. التنمية: منها ما هو محلي، ببلدان العبور والتصدير ومنها ما هو دولي في إطار جلب الاستثمارات الخارجية من الدول غير المعنية بالهجرة السرية بشكل مباشر إلا أن دور التنمية المحلية في تحقيق مبتغيات الحكومات المعنية لهذا الملف يستدعي ضرورة تفعيل كل الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية في إطار القانون الدولي.
واستطاعت المديرية رصـد التحركات المتشابكة للعديد من شبكات التهريب بشتى تلاوينها منها شبكات تهريب الأشخاص و تم تفكيك في نهاية العام 2004 أزيد من 425 شبكة وأزيد من 300 شبكة عام 2005 كما أن عملها المشترك أدى إلى انخفاض نسبة المهاجرين السريين المغاربة إلى قرابة 25% في نهاية السنة الفارطة أيضا حيث أن الإحصائيات المغربية الإسبانية أحصت انخفاض 37% من زوارق الموت المألوفة الوصول إلى شواطئ المدن الإسبانية (ألميرية...)
كما أن المديرية استطاعت بفضل نهج سياسة القرب والتعاون مع الجيران إلى تنظيم رحلات تطوعية وصلت في نهاية العام الماضي إلى قرابة 23 رحلة نقلت عبرها أزيد من 3800 فرد إلى بلدانهم الأصلية؛ في ظل الاحترام الكامل لكرامتهم الإنسانية. إلا أن هذه النتائج الإيجابية في المجال الأمني لم ترض البعض ممن أثارت غضبهم من خلال منظمات غير حكومية إلى انتقاد هذه الرحلات التطوعية بدعوى لعب الدركي لبلدان الاتحاد الأوربي.
ومنها بعض التصريحات التي أعلن عنها بعض مسؤولي المندوبية السامية للأمم المتحدة الخاصة باللاجئين بدعوى أنه يتم ترحيل بعض المهاجرين الذين حصلوا على إقامتهم المشروعة في إطار اللجوء السياسي إلا أن الأمر لم يكن كذلك، خاصة إذا علمنا أن طلبات اللجوء هذه لا يحلو لها أن ترسو سفنها في غير المغرب في طريقها إلى الفردوس المفقود، إذا علمنا أن البلدان الأصلية تبعد عنا بآلاف الأميال مرورا بالعديد من البلدان الإفريقية...إلخ مما يعكس النية المبيتة تحت ستار اللجوء السياسي؛ وما عملية تزوير الوثائق سوى تأكيد لها.
ولسنا ضد طالبي اللجوء ولكن ضد التحايل باسمه لأجل الوصول إلى مآرب أخرى ذات صلة مباشرة بالجريمة المنظمة، مما يفرض ضرورة المقاربة الأمنية رغم أن المغرب وحده لن يستطيع إيقاف زحف المهاجرين السريين الأفارقة كما أكد ذلك مرارا مسؤول المديرية المكلف بهذا الملف.
هذه النظرة الشبه موضوعية تتصادم مع واقع الحال خاصة مع أنين المهاجرين الذين يتسكعون شوارع وأزقة المدن المغربية متسولين بكلمات تجرح قلوب البعض وتثير قلق البعض الآخر. فيجتمع البعض (..) لأجل تقديم الدعم عبر التعبير عن تفانيهم مع هذا الأنين، فتتناسل الانتقادات الموجهة في كل الاتجاهات، بدءا بالحق في التنقل وحرية الأشخاص في اختيار أوطانهم، بما هي حقوق طبيعية مرتبطة بكرامتهم الإنسانية، مرورا بحق اللجوء السياسي، الذي لا يمكن بأية حال من الأحوال التشطيب عليه وصولا إلى ضرورة بناء السياسات الأمنية في مجال الهجرة على أساس الاتفاقيات الدولية والمواثيق والعهود الدولية في احترام حقوق الأقليات، إلى القول بضرورة الدفاع عن مساواة المفاوضات الأوروإفريقية في مجال الهجرة الطبيعية للأشخاص وهلم جرا.
إلا أن الشيء الأساسي، والمفروض أن يتصوره هؤلاء المنتقدون، يتمثل في أن التدبير الدولي لملف الهجرة، يتطلب الأخذ بعين الاعتبار أن الدول المتقدمة والمصنعة تستدعي اقتصادياتها يد عاملة مطردة ومتزايدة مما يعني أن أي تدبير سلبي للملف سينعكس أيضا على هذه الاقتصاديات الرأسمالية والنيوليبرالية، رغم أن هؤلاء اليائسين في نظر البعض الآخر، أو ما سماه بعض الصحفيين (...) "بالجراد الأسود" لن يمتلكوا ناصية التقدم التقني والمعلوماتي الذي ترتكز عليه هذه الاقتصاديات، ولكن من المفروض أنها لازالت في حاجة إلى جهودهم في شتى المجالات خاصة الفلاحة والخدمات العقارية... رغم أن هذه النظرة الدونية لا يمكن أن نتبناها أو ندافع عنها أبدا مهما كانت الظروف إذ أن ظروف التعلم والتكوين وفرصهما حين تتوفر تصنع من الأميين، عباقرة لا يمكن إهانتهم، إن لم يتم محاصرتهم بفعل العنصرية ودواعي الكراهية والتعصب والذي تعاني منه للأسف العديد من المجتمعات الأوربية رغم تقدمها التكنولوجي والصناعي في شتى الحقول والمجالات المعرفية.
العولمة، حسب العديد من السوسيولوجيين المهتمين بالهجرة، هي سبب وعلة هذه الأخيرة، وأنه لولا الأولى ما كانت الثانية، وهذا خطأ في تقديرنا، إذ أن الهجرة كانت معروفة تاريخيا بما هي عملية ترحال يطلب أصحابها الاستقرار من أجل الإبداع والتلاقح والتكيف مع بيئاتهم الجديدة، إذ أن ظروفهم في بيئاتهم الأصلية، لم تعد تناسب تطورهم، إما لأنهم أصبحوا يعيشون أزمة معينة أو هروبا من أزمة مفترضة، هكذا إذن تبدو المسلمة التي تربط الهجرة بالعولمة بشكل ميكانيكي غير ذات جدوى. ولكن، كما أشرت سابقا، فدورها في هذا الوضع لا يمكن تجاوزه بجرة قلم، فهو حاضر وإن بشكل غير مباشر، ولعل في البطالة الناتجة عن تطور العولمة، التي فرضت تطور سياسات التقويم الهيكلي ودواعي الخصخصة سببا حقيقيا للهجرة السرية، بحيث اتسعت الهوة بين المحظوظين وغيرهم وشكل هؤلاء أغلبية الفئات الاجتماعية المسحوقة. فضلا عن تعثر آلية الديمقراطية في بلدان الجنوب، بالشكل الذي يفتح المجال لسيادة التوجهات الديكتاتورية كانعكاس للفكر الواحد.
وإذا كان المغرب يشكل استثناء في إفريقيا، بحيث أن تجربة الانتقال من أجل الديمقراطية، ودور إصلاحات العهد الجديد، بمفهومه الجديد للسلطة على جميع المستويات والأصعدة، وإن كانت غير قادرة على امتصاص كل الآفات الاجتماعية التي تمخضت عن العهود السابقة، إلا أنه يمكن القول بأنها تشكل البوابة الحقيقية للإجابة عن معضلات الهجرة والبطالة...إلخ.
هذا فضلا عن أن الأسلوب الحقيقي للقضاء على هذه المعضلات التي استفحلت يتجلى في الربط الجدلي بين الهجرة والتنمية عموما والمحلية خصوصا. ولعل في الأوراش الكبرى، التي انتشرت في الآونة الأخيرة في جميع أنحاء البلاد،والتي تتزايد بشكل مترابط عبر السنوات العشر المقبلة، تهدف إلى تحقيق أهداف الألفية في التنمية والتي يشكل هدف محاربة الفقر والتهميش واحد من مبادئها، الذي لا يمكن تجاوزه من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، الشرطين الأساسيين لإنجاز التعاون الأورومتوسطي في مجال الاستثمارات الحيوية وجلبها للعديد من مناصب الشغل لليائسين.
كما أن الربط غير المسبوق بين أهداف الهجرة الشرعية والقانونية بهذه الوضعية الجديدة، تتوخى منه إشراك المهاجرين في تنمية بلدانهم وبالتالي ارتفاع نسبة مساهماتهم في الدخل الفردي لأبناء أوطانهم، وبالتالي المساهمة في تحقيق تنمية حقيقية من أجل التقدم والنماء والمصالحة مع هوياتهم الحقيقية.
ولعل 8.6% التي تمثل نسبة عائدات المغاربة المقيمين بالخارج من الناتج الداخلي الخام، نسبة غير كافية لإنجاز مهام المواطنة الحقيقة وإرساء دولة الحق والقانون، ولكنها نسبة مهمة قد ترتفع بدخول الإصلاحات الجديدة حيز التنفيذ.

الهجرة السرية : بين تنصل الجزائر من المسؤولية


على امتداد التاريخ البشري, ما فتئت الهجرة تشكل تعبيرا على رغبة الفرد في التغلب على الظروف الصعبة والهروب من الفقر وبدء حياة جديدة قد توفر له الحق في العيش الكريم .
و اليوم أدى التطور غير المسبوق لوسائل الإعلام و الاتصال و المعلوميات , الى زيادة عدد الأفراد الراغبين في الانتقال الى أماكن أخرى توفر الشغل كانعكاس أول للعولمة الليبرالية في بلدان التخلف.
وعرفت ظاهرة الهجرة تغيرات مهمة في أشكالها,(هجرة النساء , هجرة الأطفال ,هجرة الأدمغة الخ ) و أساليب تحقيقها ( الحريك , التحايل على القانون واللجوء السياسي الخ ), بزيادة اتسام أسواق العمالة و المجتمعات بالطابع العالمي واتساع الهوة بين دول الجنوب والشمال , هذه التغيرات ,بالرغم من جميع إيجابياتها ,يمكن أن تولد توترات في العلاقات الدولية خاصة بين الدول المعنية بها


وما الهجرة السرية سوى واحدة من الأشكال الجديدة ، نود عبر هذا المقال إلى سبر أغوار هذه الظاهرة التي بدأت تسيل الكثير من المداد، وتدفع نشوء العديد من العلاقات الدولية على أساس القضاء عليها، كما فتحت المجال إلى بروز العديد من المنتديات المهتمة بها، إن لم نقل أنها أصبحت ضمن اهتمامات الكثير من المراقبين الدوليين من جميع البلدان.
واستطاع العديد من الشباب بامتطائهم لزوارق الموت إلى العبور إلى الضفة التي توفر الشغل كانعكاس أول للعولمة في بلدان التخلف، كما استطاع هؤلاء إلى إعطاء صورة لأقرانهم من بلدان جنوب الصحراء (هجرة الأفارقة )إلى حذو حذوهم عبر شواطئ المتوسط والأطلنتي.
واستقبلت بلدان القوى الثانوية العديد منهم على أساس احتوائهم، وفرضوا عليها ضرورة إدماجهم في نظامها، وقتل من قتل ومات من مات.
في الوقت الذي أثارت فيه الظاهرة هواجس العديد من المهتمين بتنظيم هذه الظاهرة في نسق ما يسمى بالمجتمع المدني، ليتم الاشتغال عليهم ضمن مهامهم المدنية والاجتماعية (أي على المهاجرين السريين ) واسترزق البعض الآخر بالظاهرة نفسها من اجل مصالحة الضيقة، فأي انعكاس لهذه العلاقة بين المجتمع المدني وظاهرة الهجرة السرية في إطار العلاقة القائمة بين الهجرة والتنمية عموما؟
الهجرة،حسب العديد من المهتمين والباحثين، ظاهرة تاريخية ساهمت في إعمار الأرض، وربما ستساهم في إعمار الكون الممكن الحياة فوقه، وهي تلعب دورا هاما في تلاقي مجموعات بشرية متنوعة الثقافات، مما يسمح بالتلاقح الثقافي وبناء حضارة إنسانية مشتركة لكن ثمة أيضا الوجه السلبي.
هذا الوجه الآخر كان هو السبب في أن يكون هذا الموضوع في العقود الأخيرة قد حظي بأهمية كبرى ضمن مختلف الدراسات الأكاديمية واللقاءات الدولية ومحور اهتمام العديد من مؤسسات المجتمع المدني أو جمعياته الحكومية وغير الحكومية؛ وتشكل محور أساس العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية بين الدول، ولم يكن هذا ليكون لولا أن التطورات ذات الاتجاه الواحد والسالفة الذكر، قد سارعت في المرحلة التاريخية المعاصرة إلى تدفق المهاجرين السريين أو اللاشرعيين من بلاد الجنوب الفقير إلى بلدان الشمال الوافرة فيها فرص الحياة الكريمة، التي يخلقها تواجد فرص الشغل المنتفية في البلدان التي تصدر هذه الأعداد المتزايدة من المهاجرين ,فهنا يدخل دور المجتمع المدني ليلعب دور المنظم والمؤطر للعديد ممن فقدوا الأمل في إيجاد لقمة العيش على أٍرض وطنهم في الجنوب، وهذا يستدعي منا وقفة ولو قصيرة لتحديد المفاهيم والأدوار الممكن أن تلعبها العديد من مؤسساته.
إذا كان مفهوم المجتمع المدني لا يقتصر على الجمعيات ذات المنفعة العامة في شتى المجالات والحقول البيئية والتنموية والثقافية والحقوقية، ذات الطابع الخيري والتوجه التعاوني، فإن عمل مؤسسات أخرى في ذات المجالات، يعتبر من صميم تدخل المجتمعات المدنية،و القطاع الخاص، ومؤسسات تابعة لهيئات الأمم المتحدة،..إلخ التي تندرج بعض تدخلاتها عبر منظمات غير حكومية ضمن مشاريع المجتمع المدني ولا يهمنا الكشف عن العلاقة الموجودة بين العديد من الجمعيات التابعة لأحزاب سياسية أو نقابات أوجمعيات سياسية في إطار التنسيق بينهما من أجل تحقيق مآربها عبر أهداف معلنة وغير معلنة.
ويرى بعض المحللين أن مكانة منظمات المجتمع المدني تنحصر بالضرورة بين إرادة استعمالها كأدوات تابعة لجهات معينة تخدم أهدافها المبيتة، وبين قدرتها على فرض نفسها، كمدافع عن حقوق المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين ورصد الحقائق المرتبطة بالظاهرة.
وبالرغم من ذلك فلا يمكن نفي دورها الإشعاعي في تعميق الوعي بضرورة إيجاد سبل الاندماج في المجتمع من دون اللجوء إلى المغامرة الغير المشروعة عبر زوارق أباطرة المخدرات أو زوارق المافيات المتخصصة في التهريب؛ والتي تحقق عائدات مالية خيالية سواءا تعلق الأمر ببلدان الاستقبال أو التصدير.
اللجوء إلى القارة العجوز لا يتم فقط عبر ركوب مياه البحر بل كذلك ويتحقق عبر التلاعب بالقانون، فقد يتم تسليم تأشيرات للعديد من المندسين داخل إطارات بصفة منشطين للحضور إلى لقاءات رياضية أو فنية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية ثم يتم الزج بهم في غياهيب الهجرة السرية بعد الإبحار إلى الضفة الأخرى.
كما أن الإختباء داخل الشاحنات يشكل طريقا للعديد من المرشحين للهجرة السرية...كل هذه الأشكال مرشحة للارتفاع وإبداع أشكال جديدة للعبور إلى أوربا هذا أمر لا جدال فيه وقد يرى البعض الآخر في نفس الاتجاه أن "الحريك الجمعوي" قد يساهم هو أيضا في الانتشار المتزايد للمهاجرين السريين عبر ستار تبادل الزيارات واللقاءات بين الضفتين؛ ولا غرابة في ذلك مادام الواقع يعكس صحة تلك الاستطلاعات.
كيف يمكن التصدي لآثار هذه الظاهرة؟
وهل من الممكن أن لينعكس ذلك على الحقوق الدولية للمهاجرين في حركة تنقلهم مما ينص عن ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الثالثة عشر؟
أيمكن اعتبار الموقف القائل بأنه أضحى من الواجب التصدي لكل من "يحاول تقسيم البشرية إلى صنفين، صنف له الحق في التنقل عبر خريطة العالم، وصنف لا يملك ذلك الحق ،هو موقف معقول؟
وهل المقاربة الأمنية ستكون الحل الأنجع لحل المعضلة، التي ما فتئت تتفرع عنها ظواهر أخرى من مثيل طلبات اللجوء السياسي المقرونة بالعديد من التساؤلات؟
في هذا الصدد يمكن القول أن هذه الظاهرة استطاعت بالفعل أن تجد لها موقع مؤسساتي جديد لا في المجتمع المدني فحسب، بل أيضا على مستوى الأجهزة الأمنية للدول المعنية بها خاصة دول غرب المتوسط.
ولا أدل على ذلك من المؤسسات التي استحدثت بالمملكة المغربية خاصة مديرية الهجرة ومراقبة الحدود، في يونيو من سنة 2005
وبعد سنة من استحداثها ركزت المديرية جهودها الأمنية،حسب المدير المكلف بالملف في إستجوابه مع يومية "لوماتان " ليوم الإثنين 23 يناير 2006، في اتجاه احتواء الظاهرة والحد منها من خلال متابعة الملفات المختلفة على الصعيد الأوروإفريقي. وتحددت معالم استراتيجية المديرية الفتية في مجال تخصصها في إطار تشريعي عام (قانون03-02 الخاص بإقامة الأجانب) في خمس مكونات أساسية يتصدرها المكون الأمني، المرتبط بشكل وثيق بباقي المكونات الأخرى وهي:
- التواصل: تتطلب المحاربة في مجال الهجرة السرية، تواصل كل الأطراف داخليا وخارجيا من أجل تحقيق الهدف، وهو منع تسرب آلاف الأجانب بشكل غير شرعي على بلدان في حاجة إلى تحقيق أمنها الداخلي واستقرارها الدائم أولا وأخيرا.
- التحسيس: كما يتوقع أن يكون لمبدأ التحسيس من خطورة الآثار الناتجة عن عدم محاربة هذه الآفة، وقع خطير على كل المساندين لهذه التنقلات الغير المشروعة.
- التعاون هذا المبدأ يعد بمثابة أسس هذه المكونات، باعتباره يفتح المجال لتواصل بين الفرقاء الاجتماعيين وطنيا ودوليا، مما يسهل على الحكومات ومنظمات المجتمع المدني إلى التوصل إلى حلول ناجعة لتدبير ملف الهجرة السرية في إطار يحترم كرامة الإنسان وعدم دوس حقوقه المشروعة والمتعارف عليها دوليا.
- التنمية: منها ما هو محلي، ببلدان العبور والتصدير ومنها ما هو دولي في إطار جلب الاستثمارات الخارجية من الدول الغير المعنية بالهجرة السرية بشكل مباشر إلا أن دور التنمية المحلية في تحقيق مبتغيات الحكومات المعنية لهذا الملف يستدعي ضرورة تفعيل كل الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية في إطار القانون الدولي.
واستطاعت المديرية رصـد التحركات المتشابكة للعديد من شبكات التهريب بشتى تلاوينها منها شبكات تهريب الأشخاص و تم تفكيك في نهاية العام 2004 أزيد من 425 شبكة و أزيد من 300 شبكة عام 2005 كما أن عملها المشترك أدى إلى انخفاض نسبة المهاجرين السريين المغاربة إلى قرابة 25% في نهاية السنة الفارطة أيضا حيث أن الإحصائيات المغربية الإسبانية أحصت انخفاض 37% من زوارق الموت المألوفة الوصول إلى شواطئ المدن الإسبانية (ألميرية...)
كما أن المديرية استطاعت بفضل نهج سياسة القرب والتعاون مع الجيران إلى تنظيم رحلات تطوعية وصلت في نهاية العام الماضي إلى قرابة 23 رحلة نقلت عبرها أزيد من 3800 فرد إلى بلدانهم الأصلية؛ في ظل الاحترام الكامل لكرامتهم الإنسانية.
إلا أن هذه النتائج الإيجابية في المجال الأمني لم ترض البعض ممن أثارت غضبهم من خلال منظمات غير حكومية إسبانية وفرنسية إلى انتقاد هذه الرحلات التطوعية بدعوى لعب الدركي لبلدان الاتحاد الأوربي.
ومنها بعض التصريحات التي أعلن عنها بعض مسؤولي المندوبية السامية للأمم المتحدة الخاصة باللاجئين بدعوى أنه يتم ترحيل بعض المهاجرين الذين حصلوا على إقامتهم المشروعة في إطار اللجوء السياسي إلا أن الأمر لم يكن كذلك، خاصة إذا علمنا أن طلبات اللجوء هذه لا يحلو لها أن ترسو سفنها في غير المغرب في طريقها إلى الفردوس المفقود، إذا علمنا أن البلدان الأصلية تبعد عنا بملايين الأميال مرورا بالعديد من البلدان الإفريقية المتميزة بالاستقرار السياسي...ألخ مما يعكس النية المبيتة تحت ستار اللجوء السياسي؛ وما عملية تزوير الوثائق سوى تأكيد لها.
وهناك حقيقة مهمة , ترفض المنظمات الأوربية الاعتراف بها , وهي أن مجموعة من المهاجرين الأفارقة يتحايلون بطلب حق اللجوء السياسي , رغم أن دوافع هجرتهم الحقيقية اقتصادية , ورغم انهم لم يفروا من بلدانهم بسبب اضطهاد أو قمع ويبقى المحرك الأساسي لهجرة الأفارقة هو الهروب من الفقر و التهميش .
ولسنا ضد طالبي اللجوء ولكن ضد التحايل باسمه لأجل الوصول إلى مآرب أخرى ذات صلة مباشرة بالجريمة المنظمة،إذ يختار المهاجرين سبلا خطيرة , وغير قانونية في نفس الوقت تعرضها عليهم عصابات متخصصة في تهريب البشر على المستوى الدولي ., مما يفرض ضرورة المقاربة الأمنية رغم أن المغرب وحده لن يستطيع إيقاف زحف المهاجرين السريين الأفارقة كما أكد ذلك مرارا مسؤول المديرية المكلف بهذا الملف.
هذه النظرة الشبه موضوعية تتصادم مع واقع الحال خاصة مع أنين المهاجرين الذين يتسكعون شوارع وأزقة المدن المغربية متسولين بكلمات تجرح قلوب البعض وتثير قلق البعض الآخر.
فيجتمع البعض من المحسوبين على صفوف النضال لأجل تقديم الدعم عبر التعبير عن تفانيهم مع هذا الأنين، فتتناسل الانتقادات الموجهة في كل الاتجاهات، بدءا بالحق في التنقل وحرية الأشخاص في اختيار أوطانهم، بما هي حقوق طبيعية مرتبطة بكرامتهم الإنسانية، مرورا بحق اللجوء السياسي، الذي لا يمكن بأية حال من الأحوال التشطيب عليه وصولا إلى ضرورة بناء السياسات الأمنية في مجال الهجرة على أساس الاتفاقيات الدولية والمواثيق والعهود الدولية في احترام حقوق الأقليات، إلى القول بضرورة الدفاع عن مساواة المفاوضات الأوروإفريقية في مجال الهجرة الطبيعية للأشخاص.
إلا أن الشيء الأساسي، والمفروض أن يتصوره هؤلاء المنتقدين، يتمثل في أن التدبير الدولي لملف الهجرة، يتطلب أخذ بعين الاعتبار أن الدول المتقدمة والمصنعة تستدعي اقتصادياتها يد عاملة مطردة ومتزايدة مما يعني أن أي تدبير سلبي للملف سينعكس أيضا على هذه الاقتصاديات الرأسمالية والنيوليبرالية، رغم أن هؤلاء اليائسين في نظر البعض الآخر، أو ما سماه بعض الصحفيين " بالجراد الأسود" لن يمتلكوا ناصية التقدم التقني والمعلوماتي الذي ترتكز عليه هذه الاقتصاديات، ولكن من المفروض أنها لازالت في حاجة إلى جهودهم في شتى المجالات خاصة الفلاحة والخدمات العقارية... رغم أن هذه النظرة الدونية لا يمكن أن نتبناها أو ندافع عنها أبدا مهما كانت الظروف إذ أن ظروف التعلم والتكوين وفرصهما حين تتوفر تصنع من الأميين، عباقرة لا يمكن إهانتهم، إن لم يتم محاصرتهم بفعل العنصرية ودواعي الكراهية والتعصب والذي تعاني منه للأسف العديد من المجتمعات الأوربية رغم تقدمها التكنولوجي والصناعي في شتى الحقول والمجالات المعرفية.
فبعض المنظمات الحقوقية المحسوبة على تيارات معينة بأوروبا والمعروفة بعدائها لمصالح المغرب تنتقد طريقة وظروف عملية ترحيل 230 مهاجر سري أفارقي نهاية الشهر الماضي يتواجدون في وضعية غير قانونية بالمغرب ,من مدينة الرباط الى الحدود المغربية الجزائرية ,رغم أن ترحيلهم جاء بناءا على شكايات تقدمت بها جمعيات الأحياء بمدينة الرباط وقد تم تخيير الأفارقة بين الرجوع الى بلدانهم الأصلية ضمن الرحلات التطوعية التي ينظمها المغرب أو العودة الى الجزائر , إلا أنهم فضلوا , التوجه الى الجزائر لتجريب حضوضهم مرة ثانية للعودة الى المغرب في طريقهم الى الفردوس المفقود .
إلا أن الشيء الضروري كذلك ,والمفروض أن تفهمه هذه المنظمات الحقوقية التي تنتقد ظروف الترحيل, هو الخروقات البشعة لحقوق المهاجرين التي تقع في طريقهم قبل الوصول الى المغرب كمحطة أخيرة في السلسلة وقاعة إنتظار للعبور الى الضفة الأخرى
فالتركيز على المغرب كمسؤول وحيد على التدبير السلبي لملف الهجرة غير منطقي وغير مقبول إذ أن بلد فقير ذو الوسائل المحدودة لوحده لايمكن أيجاد حلول مستعجلة لملف معقد ومتشابك الأطراف خاصة إذ علمنا أن الاتحاد الأوروبي الذي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية يتعاطى معه بمعايير مزدوجة . .
هذه المسؤولية تتجلى في سياسته العامة المتعلقة بالهجرة والتي تتجه نحو تشجيع هجرة الأدمغة والكفاءات التي تعتمد عليها اقتصادياته الليبرالية والرأسمالية(قانون سار كوزي ) ووقف كل أنواع الهجرة الشرعية الأخرى عن طريق إخضاع المرشحين للهجرة لقانون التأشيرات الذي يستحيل معه الدخول الى فضاء أشينكن ,كل هذه القوانين ساهمت وتساهم في إبداع أشكال جديدة للهجرة السرية وبالتالي انتعاش مافيات تهريب البشر وارتفاع عدد الضحايا من المهاجرين السريين.
المسؤولية تتحملها كذلك المنظمات الأوربية وبعض الجمعيات المغربية الممولة أوربيا بتقديمها لتقارير تنقصها الدقة في المعلومات ورصد وإعطاء حقائق مغلوطة حول الظاهرة.بالمغرب.
وإذا كان المغرب يشكل استثناء في إفريقيا، بحيث أن تجربة الانتقال من أجل الديمقراطية،وانفتاحه على جميع المستويات والأصعدة تسمح لهذه المنظمات الحقوقية الدولية و الصحافة الدولية للاشتغال على الملف بكل حرية وإعداد تقارير ,إلا أن ما يجب أن يعرفه هؤلاء المنتقدين هو أن المغرب ضحية موقعه الجغرافي و لن يتمكن لوحده من إيجاد الحلول المستعجلة, رغم المجهودات التي تقوم بها المؤسسات المعنية بالملف,خاصة إذ علمنا أن من يتحمل مسؤولية موجات الهجرة السرية هي الجزائر التي تسمح للأفارقة بعبور أراضيها ولا تبدي أي استعداد للتعاون مع الأطراف المعنية بالملف بل بالعكس يتم توظيفه سياسيا للضغط على المغرب و الإضرار بمصالحه .
إن الأسلوب الحقيقي للقضاء على هذه المعضلات التي استفحلت يتجلى في الربط الجدلي بين الهجرة والتنمية عموما والمحلية خصوصا
وإذا كانت المياه إحدى قوى الطبيعة ,فإن الهجرة يمكن اعتبارها من قوى التاريخ الحتمية .و التحدي الذي يواجهنا لايكمن في محاولة وقف الهجرة ,بل في حسن إدارتها بتعاون كل الأطراف المعنية .
فالأوراش الكبرى، التي انتشرت في الآونة الأخيرة بالمغرب مثلا، والتي تتزايد بشكل مترابط عبر السنوات العشر المقبلة، تهدف إلى تحقيق أهداف الألفية في التنمية والتي يشكل هدف محاربة الفقر والتهميش واحد من مبادئها، الذي لا يمكن تجاوزه من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، الشرطين الأساسيين لإنجاز التعاون الأورومتوسطي في مجال الاستثمارات الحيوية وجلبها للعديد من مناصب الشغل لليائسين.
كما أن الربط الغير المسبوق بين أهداف الهجرة الشرعية والقانونية بهذه الوضعية الجديدة، تتوخى منه إشراك المهاجرين في تنمية بلدانهم وبالتالي ارتفاع نسبة مساهماتهم في الدخل الفردي لأبناء أوطانهم، وبالتالي المساهمة في تحقيق تنمية حقيقية من أجل التقدم والنماء والمصالحة مع هوياتهم الحقيقية.ولعل 8.6% التي تمثل نسبة عائدات المغاربة المقيمين بالخارج من الناتج الداخلي الخام، نسبة غير كافية لإنجاز مهام المواطنة الحقيقة وإرساء دولة الحق والقانون، ولكن نسبة مهمة قد ترتفع بدخول الإصلاحات الجديدة حيز التنفيذ

الشباب القروي بين حلم الهجرة السرية ورؤى المجتمع المدني



بقلم الباحت رشيد بداوي
rachidbeddaoui@yahoo.fr

إذا كانت الإمكانيات الإقتصادية لأي بلد شرطا قبليا لبلوغ أهداف التنمية البشرية ،فإن تعبئة المؤهلات البشرية ،شرط لا محيد عنه لأجل الإقلاع لتجاوز العجز الذي يعاني منه بلد سائر في طريق النمو كالمغرب .
والمتبع لمسار الاقتصاد المغربي ، سيستنجى لا محالة ، أنه عرف مراحل ثلاث خلال تطوره منذ إعلان الاستقلال، إلى اليوم.

المرحلة الأولى: تنتهي قرابة 1983 وتعد مرحلة التأسيس والمخاض بالنسبة لولادة النموذج الوطني للتنمية .
فلئن كانت هذه الولادة عسيرة، فلأنها تهدف إلى ربط الاقتصاد المغربي إلى النموذج الليبرالي ، وإرساء أسسه بالتدريج في قنوات المبادلات العالمية.

المرحلة الثانية : أو ما يسمى بمرحلة التقويم الهيكلي والاستقرار الماكرواقتصادي ، الذي أعتمده المغرب كخيار لا رجعة فيه، ولو أن يكون شر لا بد منه ، حيث أن المغرب من بين 15 بلدا الأكثر مديونية في العالم آنذاك.
ولقد شكلت هذه الفترة من عمر الاقتصاد الليبرالي المغربي، منعطف كبير في سياسات البلاد الاقتصادية و كان الهدف من تبني سياسة التقويم الهيكلي هذه استتباب التوازنات الماكرو اقتصادية ،والحد من الدين الخارجي ، وتحرير قوى السوق، وذلك بدعم من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي .

المرحلة الثالثة : أو ما اصطلح عليه مرحلة التحرير و الانفتاح ، والتي تميزت بالانسحاب التدريجي للدولة لفائدة قوى السوق ، حتى من القطاعات الأكثر حساسية (الشغل ، الصحة و التعليم ...) و ترجمته على أرضية الواقع ببرامج الخصخصة الطموحة ، والتوقيع على اتفاقيات التبادل الحر مما يعني الانفتاح على التجارة العالمية ( اتفاقية التبادل الحر مع الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية ... ).
التوازي مع هذه التطورات على المستوى الاقتصادي سينعكس الوضع اجتماعيا ، بارتفاع معدل البطالة ، بمعنى اختلال العلاقة القائمة بين عرض العمل و طلبة.
ومست البطالة على الخصوص الشباب و النساء طوال العقدين الأخيرين من الألفية الماضية. ويرى الاختصاصيون في الإحصاءات الاقتصادية أن وتيرة عرض الشغل أسرع بكثير من وثيرة التصاعد الديموغرافي منذ سنة 1960.
وإذا أضفنا للنافذة الديموغرافية ، النزوح القروي إلى الحواضر فإن الساكنة القروية في سن الشغل زادت بوتيرة 4% سنويا ، منذ سنة 1960، وهو ما أدى فعلا إلى بطالة واسعة الانتشار، مست بنسب عالية خريجي المعاهد العليا و الكليات .

ويعزى هذا الارتفاع إلى الاختلالات التي عرفتها منظومتنا التربوية، حيت كرست عدم ملائمة التكوينات المتوافرة لحاجات عالم الشغل ، خارج الحضور الوازن للدولة كمشغل منذ الاستقلال، وعجز القطاع الخاص عن استيعاب هذه الأفواج المستمرة التخرج و المتتالية فضلا عن الإغراء الذي تمارسه الوظيفة العمومية ، و الذي طالما عالجته الدولة من خلال سياسات توظيف غير ملائمة ، بالإضافة إلى صعوبات الاندماج في القطاع الخاص ، نتيجة السياسات الصارمة للميزانية التي تنعكس سلبا على هذا القطاع .

ومن بين المعدلات المثيرة للإعجاب معدل البطالة سنة 1994 الذي وصل 16% ويشكل معدل البطالة لدى خريجي التعليم العالي 30,8% إلى حدود 2002.

أما في الوسط القروي، فالطابع الموسمي للأنشطة القروية، يترجم دائما واقع بطالي غير منتج أكثر ما يعبر عن تشغيل حيوي. و الملاحظ أن معدل البطالة في الوسط القروي بالنسبة لحاملي الشهادات و المؤهلين للعمل سنة 2000 وصل إلى أكثر من 17 % ثم أنخفض في سنة 2002 إلى نسبة 13 ,6% مما يدل ، لاعن تفوق الطلب عن العرض ، بل العكس مما يعبر عن تزايد نسبة الهجرة القروية، حيث يشكل الشغل الحافز الرئيسي لحركة الهجرة الداخلية .
مما يعني أيضا أن التشغيل الناقص في البوادي يغذي، بشكل من الأشكال، البطالة في المدن. هذا علاوة على أن العالم القروي حتى حدود العشرية الأولى من الألفية الحالية لا يزال يعاني من فقر حقيقي من حيث البنى التحتية ، ولا سيما بالمناطق المعزولة ، حيث يسجل غياب واضح في خدمات الصحة و التربية والماء الشروب و الكهرباء...

ورغم أن مجهودات الدولة ترتكز حول ضرورة الاهتمام بهذه الوضعية ، من خلال عدة برامج، بهدف تدارك النقص الحاصل ،والهائل والذي ينضاف إلى السنوات العجاف من الجفاف ، كالبرنامج العام لتزويد الوسط القروي بالماء الصالح للشرب PAGER ،الذي انطلق سنة 1995 ،ومكن من رفع معدل التزويد إلى 60 % سنة 2004 في حين لم يكن هدا المعدل يتجاوز نسبة 14 % سنة 1995.
يليه البرنامج العام لتعميم كهربة العالم القروي PERG ، وإذا حقق تطبيق برنامج الماء الشروب تفوق فإنه بالعكس لا يزال العالم القروي غير مزود بالكهرباء نتيجة إكراهات الأداء ، ونتيجة انتشار الفقر والهشاشة الاجتماعية .
في نفس الوقت إنطلق البرنامج الوطني لبناء الطرق القروية PNCRR ،ورغم التفاوتات بين المناطق القروية لصعوبة تضاريسها ،فإن الدولة تهدف إلى رفع معدل ولوج السكان القرويين للطرق ، حدود 2015 الى 80 %. مما ينعكس سلبا على المواطنين لعدم استطاعتهم ولوج الخدمات الاجتماعية والإدارية الأساسية و يؤخر الاندماج بقوة في السوق. ينضاف إلى هذه الوضعية في العالم القروي أزمة التعليم ، حيث أصبحت بادية للعيان مع حلول عقد الثمانينات ، على خلفية التقويم الهيكلي ،حيث برز انفصال منظومتنا التعليمية عن الاقتصاد الوطني ، بانسحاب الدولة من القطاعات المنتجة ، يقول أحد المتتبعين لهذا الشأن "ولقد بدا هذا الانفصام جليا سواء على المستوى الكمي ، من خلال بطالة الأعداد الغفيرة ، الآخذة في التصاعد ، أو على المستوى النوعي ،من خلال بطالة حاملي الشواهد ، ويمثل هذا الواقع أحد تجليات الأزمة التي يجتازها التعليم بالمغرب ، وهي الأزمة التي أضحت أكثر ميلا نحو الاستدامة ،ولمدة لن تكون بالقصيرة ،والتي أبانت عن جملة من الاختلالات الخارجية والداخلية ،التي تعاني منها المنظومة التربوية الوطنية ،أما برامج الإصلاح المحدودة ، والتي اعتمدت خلال العشرية اللاحقة بدءا من 1993 فإنها لم تحل دون تفاقم الصعوبات".

ولقد عملت هده الصعوبات تدريجيا على تغذية موقف سلبي من المدرسة و إشاعة الإحساس بلا جدوى التربية لدى الساكنة القروية المحرومة بشكل خاص ، مما أدى إلى فقدان الثقة في المدرسة و من لدن أبناء الطبقات الميسورة.

هكذا تكدست القرى المهمشة بالعديد من أبناءها الذين انسحبوا سواء عن طواعية من المدارس أو إحساسا بقرب أجلهم التعليمي نتيجة قلة المصاريف أو ارتفاع كلفة الكتب المدرسية و باقي التجهيزات المرافقة لها كالألبسة والأطعمة.. .
ولم يكن أي مجال متوفر لاحتواء هذه الأعداد المتزايدة والراجعة إلى الخلف ، من أجل اكتمال نضجهم ،سوى التسكع وبداية الانحراف نحو المخدرات و السرقة والدعارة ، وهلم جرا.

في ظل هذه الشروط ظهرت في العالم القروي أصوات تنادي بضرورة تأسيس جمعيات ثقافية -تنموية -ترفيهية تهدف إلى احتضان الشباب وتأطيرهم سعيا لإدماجهم في التنمية ، وفي ظل تزايد بطالة خريجي الجامعات ، ومع تصاعد وارتفاع المطالبة بإعادة إدماج الشباب عموما و القروي خصوصا ،انطلق في تأسيس جمعيات السكان أغلبها تنموية تهدف إلى جمع شتات الساكنة القروية لأجل استفادتها من البرامج السالفة الذكر الهادفة إلى بناء البنى التحتية بالعالم القروي.

في نفس الاتجاه تطورت الأشكال الجمعوية بهدف تحقيق أهداف الألفية الثالثة منها إدماج المرأة القروية في التنمية وإدماج الشباب في المحيط الاقتصادي بخلق تعاونيات مختلفة .
و في نفس الوقت كان لابد لهذه الجمعيات أن يتحملن عبئ التربية والتكوين من خلال دروس محو الأمية.
وساهم برنامج التربية الغير النظامية في ولوج العديد من الشباب الحاصل على الشواهد عالم الجمعيات التنموية و الثقافية بهدف ترسيخ أسس التدريس و العودة إلى المدرسة بعد فقدان الثقة فيها ، رغم الصعوبات المتنوعة التي واكبت مراحل التأسيس .

أمام هده الإشكالات و الصعوبات كانت الهجرة القروية ولو الموسمية ،حلا بالنسبة للشبان الذين يغادرون القرى المهمشة في اتجاه المواقع الحضرية التي لم تكن في وضعية سليمة هي أيضا لاحتواء هذه الأعداد المتنقلة من الشباب القروي التائه والحائر.

طموح الشباب القروي بين الهجرة وأحلام المجتمع المدني

تفاقمت الأوضاع إذن أمام الشباب، وظهرت بوادر التطرف بشتى أشكاله السياسي والعقائدي، وكان حظ الشباب القروي إما اللامبالاة أو متابعة القطار التنموي من الخلف، رغم الأزمة....
ومع تطور المجتمعات الرأسمالية وتراجع مجتمعات الجنوب، ظهرت النتيجة الأولى لواقع البطالة،و استأثرت باهتمام المتتبعين بوصول الوفود الأولى من شباب دول الجنوب، جنوب الصحراء تحديدا إلى المغرب كقنطرة عبور للضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط،، بعدما غرقت في سواحل إسبانيا بالخصوص العديد من الزوارق المحملة بالشباب الحضري والقروي المغربي، الذي اتجه نحو الموت عبر البحر أو النجاة من أجل حفظ كرامته التي أهينت بفعل هذه الأوضاع المزرية وكان لأثر العائدين بعد مدة من المعاناة في دول المهجر، بأوراقهم، حافزا آخر لهم للمزيد من مواجهة الموت البطئ واستمرار العنفوان والإرادة والشجاعة لامتطاء أمواج البحر.
يزيد من هذه الهواجس اشتغال العديد من جمعيات المجتمع المدني التي ظهرت خاصة في الأوساط الحضرية وقليل من الأوساط القروية على هذا الملف بربطه بالتنمية المحلية وفي ترابط جدلي عام بالديمقراطية المحلية وحقوق الإنسان.

ومع استفحال ظاهرة الهجرة السرية عموما بترابط مع واقع البطالة سارع العديد من الفاعلين الاجتماعيين والجمعويين النشطين في حقلي الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الدعوة إلى أيام دراسية وعقد ندوات وتأسيس منتديات من أجل البحث عن البدائل والمناداة بضرورة النضال من أجل مجتمع الكرامة والمواطنة الكاملة.

وهكذا وبعد توسيع الشبكات المتخصصة في تهريب الأشخاص، كان من اللازم مراقبة المجال أمنيا حتى لا ينفلت الوضع في اتجاه سلبي، ولم يكن بمعزل عن انشغالات حكومات دول المهجر المجاورة، خاصة الأوربية، خصوصا بعد دخول معاهدة أمستردام حيز التنفيذ عام 1998، والتي جاءت لتنفيذ توصيات اتفاقية شينكن المنعقدة منذ عام 1985 وذلك بتشديد المراقبة على الحدود الخارجية مما ينعكس على حرية تنقل الأفراد ، وبتشديد الرقابة على المهاجرين والحد من اللجوء السياسي.

ونظرا لتشابك الإشكالات بين دول الاستقبال ودول العبور والدول الأصلية للمهاجرين، فان العلاقات الدولية بين هذه الفرقاء الدوليين ستعرف توترات ، دفعت إلى انعقاد مؤتمر قمة تومبيري بفلاندا عام 1999، والذي لم يكن بالنسبة للمؤتمرين سوى محطة للاتفاق حول الشراكة بين البلدان المعنية بمشكل الهجرة بشكل مباشر، حول ضرورة أخذ بعين الاعتبار الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للدول الأساسية، وضرورة نهج سياسة مشتركة ضد اللجوء ، والتحكم وتدبير تيارات الهجرة، ثم ضرورة الإدماج والمعاملة العادلة بالنسبة للمهاجرين المقيمين بصفة شرعية، حصل هذا في نهاية الألفية الماضية 1999.

إلا أن الأحداث الإرهابية التي تلت هذا التاريخ ، ستدفع بحكومات الدول الأوربية بالخصوص إلى تضييق الخناق على المهاجرين المقيمين قانونيا في بلدانها باعتبارهم منفذ لتصدير الإرهاب في اعتقاد اليمين المتطرف كلما صعد إلى الحكم بدول أوربا.

وانعكاسا لهذه الوضعية الدولية عموما، والأورمتوسطية بالخصوص ، انضاف إلى انشغالات الحكومة المغربية ملف الهجرة، ولم يكن بد من ضرورة نهج سياسة أمنية أولا مما أعاد الكرة في مرمى المجتمع المدني، الذي أصبح يطالب باعتماد سياسة حكومية ترتكز على أسس ديمقراطية في التعاطي مع هذا الملف ، ورفض لعب الحكومة المغربية دور الدركي بالنسبة لدول الشمال، ورفض أن يكون المهاجر الشرعي والغير الشرعي مصدرا للعملة، دون التركيز أولا على حقوقه في التنقل والعيش الكريم حفاظا على كرامته وحقه الطبيعي في الشغل مصدر وسبب تنقلاته عبر خريطة العالم، وبدون حدود بحثا عن تنفس هواء الحرية والديمقراطية والكرامة وعن مصدر عيش قار يكتمل بكامل حقوقه في التغطية الصحية والضمان الاجتماعي.

وتعالت الأصوات المنتقدة لدور المجتمع المدني في عدم قدرته على تحمل مسؤوليته كاملة، سواء من حيث عجزه عن إدماج الشباب القروي في مشاريع تنموية، أو من حيث تأطيره وتوعيته لهذا الشباب من أجل توسيع مجال الحقوق والحريات، سواء تعلق الأمر بحرية إنشاء الجمعيات المعنية بالشباب في ترابط مع كافة حقوقهم أو حرية التجمعات للمطالبة بحقوقهم وعلى رأسها الحق في الشغل والتنظيم والتظاهر.

بمعنى آخر أن جل الجمعيات المشتغلة في شتى الحقول( الثقافية، التنموية، الحريات العامة، البيئية.....) لا تتوفر على برنامج عمل لمواجهة مصاعب التنمية، وفي نفس الوقت لا تمتلك القدرة والشجاعة والإرادة للتوجه للاشتغال في حقل الحريات العامة لترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ودليل المنتقدين كون هؤلاء الفاعلين، باستقلالية كاملة مزعومة، لا يراكمون تجارب نضالية في مجال المطالبة بالإصلاح، إلا في ارتباط مع القوى السياسية الفاعلة في الميدان. كما أنها لا تتوفر في مجال التنمية على مصادر تمويل قوية قادرة على احتواء وإدماج الشباب في المسلسل التنموي وبذلك محاربة الهجرة السرية سواء القروية أو الدولية.
مما يعني تبعيتها لمصادر التمويل، رغم اعتقادها أنها تشكل استثناء بتمتعها باستقلالية تامة عنها: وهو ما ننعته غالبا بالمنظمات الغير الحكومية.
وإذا استثنينا القليل منها والتي استطاعت إنجاح مشاريع تنموية لصاح العديد من الشباب القروي وإدماجهم في محيطهم الاقتصادي، فإن الترابط اللازم مع منظمات خارجية هو الذي كان وراء ذاك النجاح.ونتساءل هل من استقلالية برغم من تلك التبعية في شروط العولمة؟.

هجرة القاصرين بين جدلية القانون وإشكالية الترحيل


الهجرة السرية، باعتبارها حركة غير طبيعية، أصبحت أكثر الملفات إثارة للقلق في المشهد الدولي، هدا علاوة على أنها تعد من بين الأسئلة الأكثر إرباكا للحسابات السياسية في العلاقات الدولية خاصة في ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
فالتغيرات والتطورات المتسارعة التي عرفتها ظاهرة الهجرة في أشكالها ودينامياتها جعلت الموضوع يحظى في العقود الأخيرة بأهمية كبرى ضمن مختلف الدراسات الأكاديمية واللقاءات الدولية،ليصير اهتمام العديد من المؤسسات الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، وشكل محور العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية بين مختلف الدول. فما من لقاء رسمي ثنائي وغير رسمي إلا وأصبح فيه الموضوع ضمن أولويات الأجندة المطروحة على المسؤولين، وفي ذلك تأشير على قوة الموضوع في صياغة السياسات المستقبلية وبناء العلاقات الدبلوماسية الثنائية.
ولم يكن هذا ليكون لولا أن التطورات الاقتصادية، السياسية والاجتماعية التي عرفها العالم والمرتبطة بعولمة الاقتصاد والسياسة والثقافة في إطار ما يسمى "بالنظام العالمي الجديد" قد عجلت في المرحلة الراهنة بتدفق المهاجرين السريين من ضفة الجنوب الفقير والمهمش إلى بلدان الشمال الوافرة فيها فرص الشغل والعيش الكريم.
فالمعطيات والتقارير والإحصائيات المتعلقة برصد الظاهرة وتشخيصها تشير إلى أن قضية المهاجرين السريين من بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط نحو القارة العجوز شهدت تطورات مهمة ومتسارعة في السنوات الأخيرة، وذلك بارتفاع عدد المهاجرين اللاشرعيين الذين تمكنوا من الدخول إلى الأراضي الأوربية،الأمر الذي دفع بالاتحاد الأوروبي إلى سن سياسة متشددة بشأن الهجرة إليه من دول الجنوب. هذا التوجه الجديد يسعى إلى تقنين الظاهرة وتنظيمها عبر سياسة هجرة تقوم على تنظيم عملية التجنس والحد من التجمع العائلي ومحاربة الهجرة غير النظامية بالإضافة إلى ما سبق أصبحت الهجرة ،رهانا رئيسيا واستراتيجيا في العلاقات بين دول الجنوب والشمال ورقما مهما في المعادلة المتوسطية، إن لم نقل إنها من أكثر الملفات المؤثرة في تدبير مشروع الشراكة الأورومتوسطية الهادفة إلى تحقيق الأمن والسلم والرفاه الاقتصادي.
ونظرا لصعوبة تدبير هذا الملف المعقد سعى الاتحاد الأوربي إلى بلورة سياسة إزاء البلدان المصدرة لتدفقات الهجرة وبلدان العبور، أخدا بعين الاعتبار أن إيقاف زحف المهاجرين السريين لا يمكن أن يكون خارج إطار إستراتيجية شمولية واضحة ترتكز على الجانب التنموي بما يتوافق مع المعاهدات والمواثيق الدولية ،خاصة معاهدة جنيف الخاصة باحترام حقوق المهاجرين وعائلاتهم، وكذا بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولم يكن هذا ليكون لولا أن المقاربة الأمنية التي يهدف من خلالها الاتحاد الأوربي مراقبة حدوده والتصدي لظاهرة الهجرة السرية بشكل أحادي وإغلاق الحدود في وجه المهاجرين بدون كفاءات وطالبي اللجوء السياسي أبانت بشكل واضح عن فشلها في معالجة الظاهرة. وفي نفس الإطار عرفت ظاهرة الهجرة بالمغرب منذ بداية القرن العشرين تحولات عدة ، تطورت وأخذت أشكالا عديدة ومختلفة، باختلاف العوامل المؤثرة فيها وتبعا لتغير القوانين والتشريعات المنظمة لها ،وعلى ضوء ما تقدم يمكن تلخيص هذه التحولات في خمس مراحل أساسية:
-المرحلة الأولى:
اتسمت باستقطاب وتشجيع هجرة اليد العاملة الذكورية وتخصيصا نحو مختلف دول أوربا لتلبية حاجاتها الاقتصادية والمساهمة في تشييد البنى التحتية الضرورية خاصة بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية.ومع ازدياد حاجة هذه البلدان إلى اليد العاملة الأجنبية أبرم المغرب عدة اتفاقيات ثنائية مع هذه الدول لإرسال اليد العاملة المغربية. ويتعلق الأمر بفرنسا وألمانيا سنة 1963 و بلجيكا سنة 1964 وهولندا عام 1969.
ونتيجة لهذه الاتفاقيات، عرفت الظاهرة تطورا ملحوظا وتوسعت لتشمل مختلف الجهات المغربية خاصة الأرياف والبوادي وتضاعف عدد المهاجرين من 1967 إلى 1975 بما يزيد على 8 مرات.
المرحلة الثانية:
في بداية كل مسلسل من الصعب أن تلج المرأة آفاق الهجرة، خاصة وأن آثار العادات والتقاليد المرتبطة بالبيئة المتخلفة لا تتناسب وإمكانية انطلاقتها، في الانخراط في مسلسل الهجرة سواء بمرافقة الزوج والأبناء أو فيما بعد بشكل انفرادي، لكن بعد تراكم المشاكل الناتجة عن الفقر والبطالة والإقصاء الاجتماعي أرتفع حجم تدفقات هجرة النساء الى بلدان الإتحاد الأوروبي بشكل إنفرادي وفي إطار التجمع العائلي .
المرحلة الثالثة:
اتسمت هده المرحلة بهجرة فردية نسائية استغنت فيها المرأة ,خاصة القروية منها عن الزوج ,الذي قد يكون تنصل من مسؤولياته إزاء ذلك الأساس الأسري الذي قامت عليه العلاقة في البداية.
المرحلة الرابعة:
تميزت بالاستغناء عن اليد العاملة الأجنبية والتراجع في استقطابها عبر اعتماد قوانين وإجراءات تضع حدا لها وغلق الحدود في وجه المهاجرين القادمين من الجنوب، هذا الانقلاب في طلب اليد العاملة بلغ ذروته مع المصادقة على اتفاقية "شينغن" سنة 1952 التي حاولت بها أوربا تقسيم البشرية إلى صنفين صنف له الحق في التنقل عبر خريطتها وصنف لا يملك ذلك الحق. لكن بالرغم من كل هذه الإجراءات ومن شراسة المقاربة الحديدية فإن سيول الهجرة غير النظامية مستمر في التدفق ومرشحة للارتفاع خاصة إذا علمنا أن عدد المهاجرين السريين المغاربة يتراوح بين 250000و300000 أي ما يعادل 10%من المهاجرين غير الشرعيين في العالم حسب إحصائيات منظمة العمل الدولية.
المرحلة الخامسة:
بدأت هذه المرحلة في أوساط التسعينات بولادة الصنف الأخير من المهاجرين السريين ، يتعلق الأمر بمحور موضوعنا وهم القاصرون الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 سنة. ولم يكن لهذه الفئات العمرية أن تنخرط في هذا المسلسل لولا توافر الشروط الذاتية والموضوعية، إزاء أوضاع سوسيو اقتصادية نبعت من جراء تراكم النتائج السلبية الناتجة عن التحولات البنيوية والهيكلية التي أودت باقتصاديات البلدان المتخلفة على رأسها المغرب.
وستزداد هده الظاهرة خطورة وستعرف أشكالا ملتوية خاصة بعد إرتفاع نشاطات المافيا الدولية التي تعمل على تسهيل عملية تهريب البشر في قوارب بحرية للتشغيل في السوق السوداء من طرف لوبيات أوروبية تغتني الاغتناء اللامشروع وتبحث عن الأرباح المتزايدة نتيجة المشاكل الإقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلدان المصدرة للهجرة.
2- ظاهرة جديدة:

أخطبوط الهجرة السرية يمتد إلى القاصرين الهجرة السرية، وإن انتشرت في صفوف العديد من الفئات الاجتماعية من الطبقات الكادحة فإنها تمتد يوميا إلى شرائح واسعة لا يتعدى عمرها بعض الأحيان أثنى عشر ربيعا، هذا الامتداد الديمغرافي، في ساكنة الأحياء المهمشة والقرى النائية والتي تعرف نزوحا يوميا نحو المواقع الحضرية، يتطور إلى امتداد جغرافي وبين أحياء المدن الكبرى خاصة المعروفة بقربها من الشواطئ والموانئ الممتدة على المتوسط خصوصا، ويتطور أيضا بحسب أعمار فئات واسعة من أبناء النازحين من القهر والجوع وقلة فرص العمل؛ أو بحسب الزمان، حيث لم يكن لظاهرة الهجرة السرية في أوساط القاصرين الغير المرافقين لذويهم وأهلهم أي أثر حتى حدود السبعينات والثمانينات، ولكن في منتصف التسعينات سيتضح أن النساء الحوامل والشباب سيكونون مرافقين لقاصرين في رحلاتهم عبر زوارق "الزودياك" فوق أمواج أعالي البحار، منهم من لقي حتفه، ومنهم من حالفه الحظ حتى وصل إلى الضفة التي توفر فرص الشغل،فكان له سرير في إحدى الخيريات الغربية.
هكذا فإن بداية القرن الحالي إن لم نقل نهاية القرن العشرين ستعرف تطور هذه الظاهرة الجديدة بوصول أول قارب بمدينة طريفة الاسبانية وعلى متنه21 قاصرا أصغرهم لا يتجاوز 13 سنة وستتلو هذه المحاولة، محاولات أخرى بمجموع 49 قاصر.
وهكذا يمكن القول أن هجرة القاصرين أضحت حقيقة محلية، جهوية وعالمية لا يمكن تجاهلها أو الاستهانة بتأثيراتها، وانعكاساتها على العلاقات الدبلوماسية والدولية. وكان لهذا التدفق الغير المنتظر ردود فعل من لدن الحكومة الاسبانية، بحيث ستصدر أوامر من هيئات عليا في غضون تلك الظروف بترحيل كل القاصرين الذين تتجاوز أعمارهم 16 سنة، وفي نهاية نفس السنة ستدعو الحكومة المغربية للتوقيع معها في 24 دجنبر 2003 من نفس العام اتفاقية ترحيل القاصرين بشكل غير قانوني بالأراضي الإسبانية، ومباشرة مع مطلع العام الجديد سيتم تطبيق بنودها دون تردد.
وتشير المصادر المتوفرة في المرحلة خصوصا منها الصحفية إلى أن ارتفاع وثيرة الهجرة السرية التي أصبح ينظمها القاصرين من شمال المغرب في اتجاه الديار الاسبانية أو على الأقل إلى شواطئها تراوحت ما بين 400 قاصر عام 1998 و1200 سنة 2000 وستعرف تزايد مرتفع في غضون تطبيق الاتفاقيات الزجرية في شأن الحد من مثل هذا الشكل من الهجرة الغير الطبيعية.
وتشير ذات المصادر إلى أن خريطة تمركز القاصرين الغير المرفقين الموجودة بمراكز الإيواء الاسبانية، والدين يفوق عددهم 5000 مهاجر سري مغربي، تشمل كل من إقليم الأندلس بحصة الأسد، تليه جزر الكانارياس، ثم تأتي مدينتي سبتة ومليلية السليبتين في المرتبة الثالثة والعاصمة مدريد في المرتبة الأخيرة؛ دون احتساب نقاط آخرى من هذه الخريطة والممكن أن توجد قيد الدراسة والبحث الأمني والقانوني.
وتشير العديد من الدراسات والأبحاث والمستندات إلى انه في إقليم الأندلس لوحده توجد أكثر من 240 مركز إيواء تحتوي على 2459 سرير، ثلاثون من هذه المراكز مخصص لإيواء القاصرين؛ بمجموع 600 سرير.
ورغم أن من أنجزوا هذه الدراسات واعون بالعديد من المعيقات منها المعلومات المغلوطة التي يتوصلون بها عن القاصرين ومنهم هم بأنفسهم؛ عن جذورهم وعن ذويهم وعن أوطانهم...إلى أن جل الباحثين يقرون بأن ذات الأبحاث المنجزة ذات أهمية كبيرة.
3- البؤس: صانع معجزة القاصرين

ما هي الأسباب التي دفعت بك إلى التفكير في ركوب المغامرة؟ متى حصلت لديك القناعة للعبور عبر زوارق الموت إلى شواطئ اسبانيا المحروسة؟ هل حاولت مرات عددية أم مرة واحدة؟ هل تعرضت إلى ضربات البوليس أو رجال الدرك أو المخازنية؟ تلك بعض الأسئلة التي يتلقاها القاصرون في مراكز إيواءهم بإسبانيا حين ما يتم التفكير في تفعيل قوانين الترحيل: يجيبون عنها غالبا بصعوبة لأنهم يخافون من العودة إلى بلدانهم الأصلية والبئيسة.
ترى ما الذي جعل هؤلاء يهربون من مراكزهم كلما سمعوا بأن المصالح الأمنية والإدارية الإسبانية باتفاق مع جارتها المغربية عازمة إلى ترحيلهم إلى حيث كانوا مع آبائهم؟ وما الذي وجدوه في ذلك البلد؟ وافتقدوه عندما كانوا بجانب آبائهم؟ بمعنى أخر ما هي الوضعية السوسيو اقتصادية ، التي أودت بالعديد من أبناء بلدنا في أعالي البحار أو زجت بهم في مراكز الإيواء ببلاد الاستقبال؟ ما هي وضعية مدننا خريبكة مثلا التي حطمت الرقم القياسي في الهجرة السرية إلى جانب بني ملال والفقيه بن صالح وطنجة والناظور والحسيمة والبيضاء وسلا والتي لم تعد أحياءها الصفيحية المكتظة قادرة على إيوائهم، بعدما يئس آباؤهم في قراهم النائية والمهمشة من إيجاد سبل العيش الكريم، وراودتهم فكرة الهجرة القروية إلى ضواحي تلكم المدن لعل يجد الأبناء فرصا للعمل أحسن تؤهلهم في الانخراط في اقتصاد البلاد.
ولكن للأسف، عاود الأبناء هم أيضا نفس السيناريو في اتجاه مناطق بعيدة، كلفتهم أرواحهم من أجل بلوغ ذات الهدف: العمل من أجل الكرامة والعيش الكريم.
ومن يقول العمل يشير بطريقة أو بأخرى إلى البطالة، بمعنى إذا كان الهدف هو العمل فإن السبب الأول والأخير هو البطالة. بطالة الآباء أولا قبل الأبناء هنا ينمو هؤلاء في جو من الغضب بين الأم والأب العاجز عن توفير لقمة العيش بانسداد الآفاق، وإذا كان المستوى التعليمي لكلاهما حاسما في وضعية الأبناء، فإن الأمية المتفشية في دور الصفيح والقرى النائية والبعيدة تشكل العلة الثانية لعدم تعلم الأبناء وعدم وصولهم مستويات عالية من التحصيل والدراسة مما يعني ولوجهم إلى البحث عن العمل مبكرا سواء مع الآباء في القطاع الغير المهيكل أو هم لأنفسهم عندما يتعرضون إلى الاستغلال من لدن أرباب العمل من دون أجور أو بأجور هزيلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
والأهم من ذلك تطور المجتمع المغربي خصوصا في العقدين الأخيرين من القرن العشرين والذي أفضى إلى ظهور آفات خطيرة من النصب والاحتيال وانتشار بطالة خريجي الجامعات وانتشار جل أساليب التهريب من المخدرات والموارد البشرية، والمرتبطة بالفساد الأخلاقي والجنسي إلى جانب الاكتظاظ في الأقسام وعدم قدرة الآباء في مسايرة الأثمان المرتفعة للكتب المدرسية بعد تطبيق الإصلاحات المرافقة لمخطط التقويم الهيكلي وخوصصة القطاعات الاجتماعية المنتجة كالتشغيل والتعليم والنقل والصحة والسكن مما يعني عجز الدولة عن تغطية مصاريف الضمان الاجتماعي وحرمان العديد من أبناء الطبقات الكادحة من الصمود وسط الإعصار.
هكذا يحس هؤلاء القاصرون أنهم معنيون بحل مشاكل آبائهم، الذين لم يعودوا قادرون على الإتيان بلقمة العيش، نتيجة قلتها وعدم توفر أية إمكانية في المزيد من إثقال كاهلهم بالديون الغير الممكن تسديدها في حينها، حيث ارتفاع عدد الأبناء في كل أسرة على حدى، وضعف التأطير الصحي كل هذه العوامل مجتمعة، إلى جانب العزوف الاجتماعي عن الزواج مما يجعل من المتر المربع الواحد في كريان طوما أو السكويلة مثلا بالبيضاء بيتا لزوجين، مما يدفع بمجموعة من القاصرين الى ولوج أبواب الموانئ للتسلل في الحافلات المتوجهة عبر البواخر إلى إسبانيا أو عبر زوارق الموت، أملا في إيجاد فرصة عمل تعفي الكثير من الأفواه من هذه المصاعب .
-4 مدخل إلى مقاربة الإطار القانوني والحقوقي لهجرة القاصرين لم يكن للمجتمع الدولي من خيار سوى الانخراط الفعلي في مواجهة الهجرة السرية عموما وهجرة القاصرين بالخصوص، وفي نفس الوقت الانخراط الحقيقي في إيجاد سبل تنظيم الهجرة القانونية وإعادة الاعتبار لسيادة الدول المجاورة المعنية بهذه الظاهرة. في اتجاه معاكس، لم يكن من السهل على المنظمات الغير الحكومية(خاصة المعنية بحقوق الإنسان) ترك المجال للحكومات تسن قوانين حماية ترابها، عبر مراقبة حدودها من دون إثارة انتباهها إلى أن الهجرة، منذ وجود الإنسان على وجه البسيطة لم تتوقف أبدا ، لهذا لابد من مراعاة حقوق المهاجرين بشتى أعمارهم وعلى رأسهم حقوق القاصرين.
ولقد أولينا ضمن بحوثنا، عبر مقالات مفصلة تم نشرها على مواقع مهمة من شبكة الانترنيت، وعبر أعمدة صحف وطنية مستقلة للعديد من الإشكالات القانونية والحقوقية، في مقابل المقاربات الأمنية الشاذة آخرها التي أودت بالعديد من المهاجرين السريين الأفارقة على مقربة من مدينة مليلية المغربية إعلانا من الحكومة الإسبانية عن عزمها في إيقاف المد الأفريقي الأسود منه والأبيض، نحو الديار والشواطئ الأوروبية.
وكشفت تلكم الدراسات الإستراتيجية والأبحاث والمجهودات، عن زيف المقاربة الأمنية وضرورة التعاطي مع الظاهرة برزانة وحكمة، تفتح الآفاق أمام المواطنين في حوض البحر الأبيض المتوسط لاستثمار مؤهلاتهم الفكرية والجسدية،و لبناء حضارة إنسانية عالمية ، مساهمة بذلك في ترسيخ قيم الاحترام وتبادله، عبر كل وسائل الاتصال والتواصل؛ وذلك لاكتشاف أساليب الحوار الحضاري بين الأقوياء والضعفاء بين الشمال والجنوب.
وحفاظا على روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات المرتبطة به خاصة العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتماشيا مع بنود الاتفاقية العامة لحقوق الطفل، وتأسيسا لكل تعاون دولي بناء،لأجل الاطمئنان واستمرار العيش بحرية وعدالة وسلم في مناخ دولي وجب عليه، اليوم أكثر من أي وقت مضى، الحفاظ على كرامة كل فرد من الأسرة البشرية دون تمييز عرقي أو لغوي أو ديني...
وإذا اتخذنا المادة 39 من اتفاقية حقوق الطفل أساسا لإنصاف القاصرين الذين يتعرضون للتهجير القسري والغير القانوني، فإن الدول الموقعة عليها وضمنها المغرب وإسبانيا، عليها أن تتخذ كل التدابير المناسبة لتشجيع التأهيل المدني والنفسي وإعادة الاندماج الاجتماعي للطفل الذي يقع ضحية أي شكل من أشكال الإهمال أو الاستغلال أو الإساءة أو التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال المعاملة المهينة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية ، ويجري هذا التأهيل وإعادة الادماج في بيئة تعزز صحة الطفل، واحترامه لذاته وكرامته.
ونظرا لأن الظروف الصعبة التي تعاني منها اقتصاديات البلدان السائرة في طريق النمو فإن تفعيل مثل هذه البنود يبقى حبر على ورق.
وانتصارا للحرية والكرامة وتثبيتا للترسانة القانونية لضبط حركة المهاجرين دون الرغبة في استئصالها حيث لا يمكن إيقاف هده التدفقات ، فإنه أضحى من الواجب المقارنة بين التطور الهائل والحاصل على مستوى دول الاستقبال في معالجة الظاهرة.
ذلك أن مثالا واحدا كنموذج إسبانيا يبرز كيف أن هذه الدولة الديمقراطية طورت أشكال التعاطي مع حقوق المهاجرين عموما والقاصرين على وجه الخصوص، من خلال سن من جهة لهذه القوانين ومن جهة أخرى لانتهاك مثل هذه القوانين والاتفاقيات ، مما يوحي بتراجع حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا حتى في ظل الدول المتقدمة.
ونظرة سريعة على مضمون القانون رقم 04/2000 الصادر في 11يناير ، والتغيرات التي لحقت به من خلال قانون رقم 14/2003 المخصص لحقوق وحريات المهاجرين في إسبانيا وحق اندماجهم الاجتماعي، يكفي القول من خلال الفصل رقم 35، أن هذا البلد رغم توقيعه على اتفاقية حقوق الطفل فإن المادة 4 من هذا الفصل لا تسمح بأكثر من ترحيله إلى بلده الأصل إذا ضبطت الجهات الأمنية والمختصة موقعه أو البلد الذي يتواجد به آباؤه. أما بالنسبة للحكومة المغربية فإن فراغا كبيرا على المستوى القانوني والحقوقي لازال قائما بالنسبة فيما يعود لاندماج القاصرين في المجتمع المغربي.
ومن القوانين المستحدثة في هذا المجال يجب التنويه بالقانون رقم 03.02 الصادر في 11 نونبر 2003، والخاص بالمهاجرين السريين،. من دون نسيان الإصلاحات القانونية المرافقة لمدونتي الأسرة والشغل إلى جانب تطور قانون الصحافة و القوانين الجنائية والزجرية، رغم صعوبة تطبيقها في مجتمع لازال العديد من فئاته الاجتماعية يرزح تحت ضغط الكثير من التأثيرات الاجتماعية والسياسية ، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأمية والبطالة في شرائح واسعة من المجتمع المغربي، مما يعرقل نمو العقلية الحداثية ذات الطموحات الديمقراطية في تفعيل القوانين والاتفاقيات الدولية الموقع عليها إلى جانب ضعف التخطيط لأجل استدراك النقص الهائل، ، مما يؤدي إلى ردود فعل سلبية هذه الوضعية السوسيواقتصادية.
رشـــد بدوي باحت في قضايا الهجرة نائب رئيس جمعية الهجرة التنمية الحق والكرامة M3D

الإتحاد من أجل المتوسط: نهاية لمسلسل برشلونة؟


قبيل نهاية الألفية الثانية عاشت المجتمعات البشرية على إيقاع انهيار المعسكر السوفياتي، وحينذاك هب الكثير من المحللين الاقتصاديين والسياسيين وكبار المنظرين والفلاسفة والمؤرخين ومعهم بعض الصحفيين إلى استصدار مواقف متباينة فيما يخص التطورات اللاحقة لهذا الحدث الكبير.
ونشرت جريدة financial Times مقال لجيمس مورغان جاء فيه" أن انهيار المعسكر السوفياتي قد ترك المجال شاغرا أمام صندوق النقد الدولي ومجموعة السبعة الكبار G7 للتحكم في العالم وخلق مرحلة إمبريالية جديدة... وإن إقامة نظام عالمي جديد هي صنيعة السبعة الكبار وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية. غير أن هذا النظام يعمل ضمن نسق غير مباشر للحكم... "
لسنا هنا بحاجة إلى إعادة تقرير هذه المسلمة التي أصبحت بديهية لدى العام والخاص، ولكن بديهي أن نقيم بينها، كعلاقة جديدة تربط هذه البنيات الاجتماعية، وبين الفئات الاجتماعية في إطار البلدان السائرة في طريق النمو، مقاربة واضحة من أجل استكشاف الانعكاسات الإيجابية والسلبية التي أدت إلى بروز ظواهر اجتماعية طفت على السطح من دون أية مقاومة، وطبيعي جدا أن يهب عدد ليس بالهين من المتتبعين للشؤون العامة لهذه البلدان إلى دق ناقوس الخطر، بعد إعلانها عبر وسائل الإعلام.
إلا أن ترتيب هذه البنيات الاجتماعية ضمن هذا التنسيق الجديد في إطار نظام عالمي جديد، كلف وسيكلف القوة العظمى والقوى الثانوية الكثير من الحروب لإعادة ترتيب هذه الأقاليم وفق متطلبات السوق الجديدة، مما سينعكس على مستوى العلاقات الدولية بإفراز تكتلات اقتصادية وبالتالي سياسية تسعى إلى المساهمة في هذا الترتيب، هذه التكتلات الاقتصادية التي تتطور ضمن قوانين المنافسة التجارية الحرة والمضاربات المالية القوية، أفرزت بشكل أو بآخر، بتوجيه من المؤسسات المالية الكبرى تحالفات متنوعة من أجل البقاء على المصالح للكثير من المقاولين في نفس الوقت الذي أطاحت فيه بالعديد من المؤسسات الاقتصادية في عالمي المال والأعمال (شركات، معامل، مصانع...
هذه الوضعية الجديدة التي زلزلت كل البنى المتخلفة، واكبت التطور غير المسبوق لوسائل الاتصال السمعية البصرية ووسائل الإعلام والمعلوميات بشكل عام، والذي ساعد على تحقيق سرعة الانتقال في الحين إلى متابعة هذه التشوهات الجديدة التي يلحقها التطور العولمي في اتجاه تحقيق ما تصبو إليه القوى العظمى المعاصرة، كما واكبت في نفس الوقت الاستهانة بكل القيم والقوانين الدولية المساعدة على إبقاء ظروف الحوار والتواصل الدولي مفتوحا للعموم؛ من دونه لا يمكن للبشرية جمعاء أن تنعم بالأمن والسلام الدوليين؛ في إطار مؤسسات دولية (الأمم المتحدة، مجلس الأمن...) تحترم فيها السيادة الدولية لكل الأمم.
في ظل هذه الشروط الدولية، نمت الكثير من العلاقات بين الدول المتقاربة خاصة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهكذا برزت إلى الوجود تكتلات أورومتوسطية، احتوت العديد من البلدان المطلة على البحر جنوبا أو شمالا أو شرقا بما في ذلك إسرائيل التي لم يكن لها وجود دولي من ذي قبل إلا في منتصف القرن الماضي. هذه التكتلات الدولية لم تأت إلا استجابة للعديد من المطالب في إطار المصالح المشتركة، مؤطرة ضمن الحوار الحضاري بين شعوب تلك البلدان في محاولة لإقناع العديد من الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين للإنخراط في العديد من الأوراش الاقتصادية والسياسية والثقافية للإجابة عن العديد من الظواهر الاجتماعية التي استفحلت تباعا، كنتائج لهذه التطورات الرأسمالية (الهجرة السرية، الجريمة المنظمة، المخدرات، الإرهاب الدولي...).
التحرك الأوربي في جنوب المتوسط تحكمه الرؤية القائمة على أن المنطقة تمثل مجموعة من التحديات الثقافية والحضارية ,التحديات الاجتماعية ( تنامي ظاهرة الهجرة السرية والجريمة المنظمة) التحديات الأمنية ( الإرهاب العابر للحدود، تبييض الأموال وتجارة المخدرات) وتحديات البيئية( تلوث البحر الأبيض المتوسط ، نذرة المياه الصالحة للشرب الخ) وتحديات خارجية والمتمثلة في المنافسة الأمريكية على المنطقة.
كل هذه التحديات دفعت بالاتحاد الأوربي إلى البحث عن آليات جديدة للتعاون والشراكة مع الدول المتوسطية جسدها مشروع برشلونة ( 27 - 28 نوفمبر 1995) مشروع حولت من خلاله الاتحاد الأوربي الانتقال من إطار التعاون الاقتصادي والتجاري الذي كانت تضبطه البروتوكولات المالية في إطار ثنائي إلى شراكة إستراتيجية شاملة مبنية على ثلاثة أبعاد أساسية ( البعد السياسي ، البعد الاقتصاد والبعد الاجتماعي) واعتمد الاتحاد في تمويل هذه الشراكة على برامج ميدا I و II( المساعدات الأوربية لدول المتوسط). عرف هذا البرنامج عدة عراقيل تقنية ولم يرق للنتائج الواقعية بسبب توجه مركز اهتمام السياسة الأوربية نحو التحديات الأمنية ( محاربة الهجرة السرية والجريمة المنظمة والإرهاب) بالإضافة الى الوصاية المالية التي يمارسها الإتحاد على دول الجنوب وفرض شروط قاسية لتمويل المشاريع وربطها بالتقدم في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.
من جهة أخرى فقد ضاعف من معوقات الشراكة الأوربية المتوسطية زيادة اهتمام الاتحاد الأوربي بالتوسع في شرق أوربا خصوصا بعد انضمام عشر دول سنة 2004 على حساب الدول المتوسطية وتعثر الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الضفة الجنوبية للمتوسط والثقل البيروقراطي وعجز هذه الدول على تقديم مشاريع ذات مصداقية.
وما زاد من تعقيد الشراكة اعتماد دول الاتحاد الأوربي سياسة حمائية على منتجاتها الزراعية بالإضافة إلى التنافس الحاد بين دول الجنوب خاصة في الصناعات النسيجية والألبسة. فرغم الانجازات والتقدم الحاصل في الشراكة فقد عجزت عن انجاز الأفاق التي حددها إعلان برشلونة في أبعاده الثلاث .
على العموم فأغلب التقييمات سواء من طرف خبراء الجنوب أو الشمال لمسلسل برشلونة أظهرت الكثير من المعوقات التي تحول دون إتمام الأهداف المعلن عنها في برشلونة 1995 ، مما جعل دول الاتحاد الأوربي تستنجد بالسياسة الجديدة من اجل استكمال التجربة بدمج دول الحوض المتوسط في السياسة الجوارية الأوربية قصد انجاز الإصلاحات الداخلية المنشودة داخل هذه الدول بحيث تشترط دول الاتحاد من الدول التي تريد المشاركة في برامجها واخذ نصيبها داخل السوق الأوربية ضرورة احترام القيم السياسية ، وفي الأخير يحاول الاتحاد الأوربي إعادة بناء العلاقات بتغيير التسميات من "مسار برشلونة" إلى " الاتحاد من اجل المتوسط".
رشيد بداوي باحث في العلاقات الأورومتوسطية

الشباب المغربي وسؤال المشاركة السياسية


في ظل التحولات الدولية التي يعرفها العالم على جميع الأصعدة الاقتصادية ,السياسية والثقافية لايمكن للمتتبع للشأن العام ,أن يتفاءل للأدوار التي أصبح يؤديها الشباب في تطور صنفي المجتمعات المتقدمة والسائرة في طريق النمو. ولاأحد يجادل في أن تقدم المجتمعات المصنعة والآسيوية لم يتم إلا بفضل سواعد الشباب الحضري والقروي .
من هنا أصبحت مهمة الأحزاب السياسية خاصة منظماته الشبابية وفعاليات المجتمع المدني تستوجب :
إعادة الثقة للشباب في مستقبل بلادنا الواعد . إعادة تنظيم الشباب على أساس طموحه الديمقراطي القطع مع كل الأساليب المؤدية الى العزوف عن العمل السياسي المنظم و الحزبي توجيه الشباب نحو مشاريع التنمية الحقيقية من أجل مستقبل افضل .
الشباب ,بما هم فئة اجتماعية تنحدر من أصول طبقية متباينة وتختلف من حيث وضعيتها الاقتصادية ومستواها الثقافي وبالتالي السياسي.
عموما مرحلة الشباب في كل المجتمعات تتميز بالعديد من المميزات ,ولكن أهمها ميزة الاندفاع والعطاء المتواصل حين تتوفر شروطه , كما تتميز أيضا بالإخفاقات حين تتراكم عوامل مضادة . وفي بلدنا خاصة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي عرفت هذه الفئة الاجتماعية انتكاسات كبيرة راجعة الى اختلاط الأوراق أمامها , وانتشار البطالة في صفوف المتعلمة منها, مما دفع بالعديد من الشباب الى البحث عن ملاد لم يكن سوى العزوف عن كل شيء ,عن القراءة , عن التعلم عن الرياضة وعن السياسة إلخ .
فإذا كان تقرير 50 سنة من التنمية البشرية أشار الى آن المغرب الراهن هو ورش مفتوح لرهانات متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية فإن هته الرهانات لن تنجح إلا بمشاركة وتفعيل دور الشاباب في النشاط السياسي بمختلف جوانبه سواءا النشاط الوطني العام أو النشاط من خلال منظمات وأحزاب سياسية
و مع تنامي الإيديولجيات المتطرفة وجد العديد من شبابنا أنفسهم أمام تنظيمات بيروقراطية أنخرط فيها الكثير منهم من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة ولكن للأسف لن تزدهم إلا إخفاقا بتوجهاتتها المتناقضة .والنتيجة هشاشة إجتامعية و سحب الثقة في العمل السياسي .الذي أفرز بدوره تراكمات سلبية لها نتائج وخيمة (الهجرة السرية , الانحراف الخ ).
لكن يجب أن نعرف أن دور الأحزاب السياسية في تأطير العديد من هؤلاء الشباب الى جانب الجمعيات الشبابية المستقلة لم يكن الى تلك الدرجة العالية من الدقة التي تبرهن عن تقدنا الديمقراطي في التعاطي مع أهداف و طموحات هذه الفئات الاجتماعية , التي تعتبر بمثابة الخزان الاحتياطي لكل القنوات التنظيمية الحزبية والجمعوية وبمثابة الأطر التي تدفع بعجلة الدولة الى التقدم والنماء, ولعل في الأوراش الكبرى المفتوحة بالمغرب أكبر حافز بالنسبة للشباب لأجل الالتحاق بالمستقبل ولأجل استدراك ما فاته من السنوات الضائعة فكيف السبيل الى ذلك ؟
إذا كان الشاب طاقة إنسانية تتميز بالحماسة والحساسية, بالجرأة والاستقلالية وازدياد مشاعر القلق والمثالية المنزهة عن المصالح والروابط فهي تتميز أيضا بالفضول وحب الاستطلاع حيث يبدو دائم السؤال والاستفسار في محاولته إدراك ما يدور من حوله والإلمام بأكبر قدر من المعرفة المكتسبة مجتمعيا لأجل تأكيد ذاته . فكيف يمكن للمنظمات الشبابية خاصة الحزبية تربيته من أجل الاتزان ومن أجل ربطه بواقع بلده بعيدا عن المنطلقات الواهية الأقرب الى المثاليات الطوباوية التي ينطلق منها لتفسير واقع بلده المتغير ؟
إن التأطير الجاد و الفعل السياسي الديمقراطي ذو الرؤية الإستراتيجية هو السبيل الى استرجاع التوازن المفقود في المرحلة لدى الشباب مع ربطه بالمشاركة الفعالة في خلق أو راش مختلفة لبناء مشروع مجتمعي يستهدف تحقيق طموحاته في التعليم والتكوين والحرية أيضا وهذا لن يتأتى إلا بتظافر الجهود بين كل الفاعلين من أجل إعادة الثقة الى العديد ممن فقدوا الثقة في العمل السياسي وانخراطهم في بناء المغرب الحديث . إن دولة تتطلع الى بناء مؤسستها الديمقراطية المستقلة ,لا يمكنها أن تستغني عن فئاتها الشابة الطموحة في المدن كما في الأرياف .
كما لا ينبغي اعتبار الشباب صنف واحد , فالفئات المتعلمة و المثقفة وذات الخبرة و التجربة بمثابة الفئات القيادية و التوجيهية , في حين أن التي تمتلك بعض الخبرات لكنها من حيث نشاطها و الفعل المباشر تبدو خاملة وتتميز بالتبعية وقلة المبادرة , فدورها يبقى ثانوي .
لذا وجب أن تراعي هذه المميزات أثناء بناء و إعادة هيكلة المنظمات الشبابية سواءا منها التابعة لأحزاب أو المستقلة من أجل خلق ديناميكية فعالة وتأهيل المنظمة . لكن ما يجب الإشارة له هو أن هوة واسعة كانت و لازالت قائمة بين الشباب الحضري و الشباب القروي لأسباب تتعلق بالقدرات المالية وعدم توفر المنظمات الشبابية على الخطط والبرامج الكفيلة لتأهيل الشباب ذو الاحتياجات الخاصة بالعالم القروي إضافة الى أسباب داخلية تتعلق بالتركيبة الاجتماعية ومستوى الانفتاح الاجتماعي .حيث ساهمت كل هذه العوامل للحد من دور الشباب القروي في العمل السياسي و تفاقم الأزمات في أوساطه .
إن معرفة استعدادات الشباب و انخراطه في العمل السياسي و الفعل التنموي, مرتبطة جدليا بتلبية احتياجاته الأساسية وأخذها بعين الإعتبار لدى صياغة الخطط والإستراتيجيات الوطنية ,باعتبارها متطلبات ضرورية يجب إدركها ليس من قبل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين
إن المرحلة الراهنة تفرض على المنظمات الشبابية التابعة للأحزاب السياسية توفير الشروط الضرورية لغرس القيم الديمقراطية لدا الشباب من خلال تكريس تقاليد النقاش و الحوار الحر الديمقراطي وإبداء الرأي بين الجميع ونجاح هذا التوجه لن يتحقق إلا من خلال تعزيز الديمقراطية الداخلية في المنظمات الشبابية وبنية المجتمع ككل وإعادة النظر في هياكل المنظمات الشبابية وانتخابهم بقرار ديمقراطي ووفقا لمعايير الكفاءة القيادية و القدرات والخبرات إن تشكيل الهياكل القيادية لمنظمة قوية قادرة على معالجة رهانات الشباب لن تتاتى إلا بالانتخاب الحر من القاعدة الى القمة وفقا للمعايير الديمقراطية المتعارفة عليها دوليا ,بعيدا عن التعيينات الفوقية وبقرارات سياسية من الحزب او السلطة التنفيذية وبشكل مسبق والتي تقدم للأعضاء للتزكية او بالقائمة المركزية التي غالبا ما تضم عناصر تتميز بالتبعية وقلة المبادرة وضعف النشاط و المبادرة
إن إشكالية العمل الشبابي أسسها هو أن هيئات الشباب هي من القيادات غير الشابة ,أو أنها تفرض على الشباب بطريقة التعيين أو الترشيح المركزي وتساق تبريرات كثيرة حول استمرارية القيادات القديمة تحت مسميات الخبرة والمراس وسعة التجربة والحفاظ على التوارث بين القديم والجديد ,ولكنها في حقيقة الأمر ما هي الا تبريرات للحفاظ على استمرار ضمان الهيمنة الحزبية على المنظمات الشبابية من خلال بعض القيادات التي تجاوزت عمر الشباب ومنها من دخل في العقد الخامس وهو يقف على رأس منظمات الشباب ,وبما يعني احتجاز التطور للكوادر الشابة والحد من عملية التجديد ..ومن هنا ضرورة الحد الفاصل بين سن الشباب المنخرط في تسيير دوالب المنظمة الشبيبية وسن الكهول المرتبطة بقنوات الحزب وهياكله .
أن معالجة الرهانات والتحديات المطروحة على المغرب لن تتأتى إلا بفعل سياسي قوي وديمقراطي يكون الشباب من خلاله فاعلا رئيسيا ,حقيقيا ومباشرا مما يحتم على كل الفاعلين رسم سياسات وخطط متوسطة وطويلة الأجل تكون محصلتها وضع الشباب في سياقهم المجتمعي الصحيح كقوة متغيرة رئيسية ومبادرة
رشيد بداوي رئيس منتدى الشباب القروي

mardi 16 septembre 2008

Les jeunes marocains : Quel usage ont-ils de l’Internet ?



De nos jours, les nouvelles technologies de l’information et de communication (NTIC) revêtent une importance primordiale au sein de la société contemporaine, elles permettent d’offrir des services performants et diversifiés à de nombreux citoyens du monde.
Grace aux évolutions rapides qui les caractérisent, les NTIC ont contribué à la mondialisation économique et financière et à l’internationalisation des échanges commerciaux, elles sont à la base de l’émergence d’une économie électronique et d’une nouvelle société de l’information et de communication.
Phénomène de mode, véritable révolution, l’internet est sans doute une gigantesque manne d’informations, il est l’aboutissement logique et prévisible de deux grandes tendances : la numérisation de l’information et de la dématérialisation de l’activité économique.
Au Maroc, les facteurs de l’introduction de l’internet sont multiples et diversifiés ; entre autres, on trouve la nécessité d’avoir des systèmes de télécommunications qui permettent de participer au marché global, ensuite, l’obligation d’avoir des échanges d’informations à l’intérieur du pays pour être compétitifs vis-à-vis des autres pays , mais aussi pour réduire la fracture numérique entre les différentes régions du Maroc notamment entre les zones rurales et urbaines.
L’internet est une chance nouvelle pour le Maroc dans la mesure où il permet une véritable démocratisation de l’accès à l’information, il offre une opportunité sans précédent dans la lutte contre la pauvreté, favorise l’alphabétisation, fait tomber les barrières géographiques, accroît l’efficacité des marchés, crée des opportunités de revenu et favorise la participation à l’échelon local. Il suscite un immense espoir dans la jeunesse scolarisée.
L’implantation d’internet au Maroc repose essentiellement sur les infrastructures dont bénéficie le pays. Celles – ci ont été sujet de plusieurs débats entre les différents acteurs aussi biens publiques que privés. En effet, un effort important a été réalisé par le Maroc pour étendre et moderniser le réseau des télécommunications, développer les télécommunications rurales ainsi qu’une large gamme de nouveaux services diversifiés.
C’est ainsi que le marché d’internet a réalisé en 2007 une augmentation de 31,6% par rapport à l’année 2006 puisqu’il a atteint 526 080 abonnés avec un taux de pénétration de 1,72% par rapport au nombre total de la population. Le nombre d’abonnés Internet ADSL connaît une augmentation continue avec un taux de croissance de près de 21,9%, en passant de 390 834 abonnés en décembre 2006 à 476 414 abonnés en 2007.
La répartition des abonnés par mode d’accès donne toujours l’avantage à l’ADSL avec une part de 90,6% en décembre 2007, contre 97,8% à la même date de l’année 2006. Le parc des abonnés Internet bas débit est passé de 7 862 en décembre 2007, ce qui a permis une hausse de plus de 510,1% sur une année.
L’examen de notre sujet renvoie à trois interrogations principales : Les jeunes marocains utilisent-ils l’internet à des fins positives? Y a-t-il un contrôle de ces jeunes quand à leur utilisation de l’internet ? L’Etat marocain dispose t-il d’une stratégie globale pour une bonne gouvernance de l’internet ?
Au moment où les sociétés développées avaient lancé des enquêtes pour mieux savoir l’impact de l’utilisation de l’internet sur le développement en général et celui de la jeunesse en particulier, d’autres pays, au contraire ne disposent d’études officielles en la matière. Par ailleurs, même pour ceux qui ont réalisé ce type de travail, ce dernier demeure souvent insuffisant. Le Maroc est malheureusement classé parmi cette seconde catégorie qui n’a à son actif que l’absence de toute stratégie en matière de production d’outils visant à faciliter le traitement systématique des questions propres à l’usage de l’internet par les jeunes.
Selon des estimations que nous avons faites, un nombre considérable de jeunes se connectent à l’internet à leur domicile, ils l’utilisent pour des raisons de recherche scientifique, ils confrontent généralement certains sites d’universités étrangères et téléchargent des documents ou travaux de recherches susceptibles de les aider dans la réalisation de leur thèse de fin d’études.
D’autres internautes se rendent aux cybercafés pour consulter leur e-mail ou chercher des informations et données économiques, culturelles, financières, politiques, sportives et sociales, ils vont aussi sur les sites de l’administration pour s’informer sur des démarches administratives, pour mieux connaître leurs droits, consulter les avis de concours administratifs et connaître les offres d’emplois. Ceci dit, Cette catégorie constitue une minorité comparativement aux adeptes du “chat” et autres sites de rencontres ou de conversation.

Cependant, la majorité de nos jeunes aussi bien dans les grandes villes que dans les petits patelins, affluent massivement aux cybercafés pour s’évader un moment ou chercher de nouveaux horizons via une connaissance sur les sites “chat”. Selon une estimation que nous avons faite dans plusieurs cybercafés à Rabat, la plupart des jeunes marocains s’intéressent au “chat” sur les sites Yahoo Messenger, MSN, amitie.fr et autres sites de rencontres. Ces sites constituent une bouffée d’oxygène pour les jeunes marocains qui établissent de nouvelles relations avec des jeunes de différentes nationalités. Il y a même certains internautes qui réussirent, selon nos sources, à se marier grâce aux sites “chat”. Une autre catégorie d’internautes est beaucoup plus attirée, selon les mêmes sources, par les jeux électroniques.
Mais ce qui est frappant, c’est qu’ il y a des jeunes marocains qui fréquentent des sites djihadistes et sont soumis à de véritables lavages de cerveau, pour eux, ces sites généralement basé à l’étranger, représentent le meilleur moyen d’accès aux Fatwas, aux informations « fiables » sur l’Irak, la Palestine et l’Afghanistan .
Ces mauvaises pratiques nous interrogent sur la gouvernance de l’internet, le contrôle de contenu des sites et en fin la manière d’initier les enfants et les jeunes à cet outil et la nécessité d’intégrer en pratique les technologies dans nos organisations pédagogiques et scolaires.
Si les jeunes utilisent massivement et fréquemment le Net dans leur foyer sous le contrôle de leurs parents et pour des fins plus au moins positifs, c’est loin d’être le cas à l’extérieur, les jeunes adolescents vont sur des sites pornographiques ce qui entraine des effets néfastes sur leur éducation ce qui nous interroge aussi sur le rôle de la famille particulièrement les parents dans l’éducation sexuelle.
Une autre catégorie de jeunes voit dans le Net un meilleur moyen d’accentuer son autonomie par rapport au cercle familial et d’augmenter son affiliation à différents groupes par la messagerie instantanée, c’est pour cette raison que la majorité d’entre eux créent des Blogs.
Le bloggeur adresse avant tout son Blog aux amis et aux gens qui le connaissent. Mais il est aussi destiné à un lecteur potentiel, puisque l’on a bien conscience du caractère public du blog.
La majorité des blogs visionnés sont des blogs où le blogueur parle de soi, de sa vie, de ses amis, de son lieu de vie, de ce qu’il aime, des moments agréables qu’il passe, de ce qui révolte. D’autres blogs sont consacrés à un thème particulier, qui peut être de la musique, un sport pratiqué entre amis, la faculté, la diffusion de films ou encore de photos/montages etc.
L’un des principaux objectifs du blog c’est qu’il soit lu par le plus grand nombre de personnes, et par conséquent qu’il y ait le plus de commentaires possibles. Le bloggeur va donc solliciter les commentaires des gens qui passent sur son blog en mettant des photos pour faire réagir ses amis ou encore des rubriques pour leur faire plaisir. Il peut également poser des questions aux visiteurs, lancer des sondages etc.
Les commentaires sont souvent courts et n’engagent pas de grandes discussions. On trouve des exclamations, des commentaires comiques, des insultes, etc. Beaucoup de visiteurs y laissent leurs impressions générales sur le blog ou le bloggeur, ou sur un thème précis d’une rubrique. Certains messages n’ont aucun lien avec la rubrique, mais sont-ils l’occasion de laisser l’adresse de son propre blog. Parfois des discussions un peu plus soutenues s’engagent entre bloggeurs.
La régulation de l’Internet est constitue aujourd’hui un enjeu voire une préoccupation des organisations gouvernementales et non gouvernementales. En fait, la complexité et le défis de la gouvernance de l’Internet ont fait réagir toutes les parties concernées.
Il faut entendre par la gouvernance de l’Internet « l'élaboration et l'application par l’Etat, le secteur privé et la société civile, dans le cadre de leurs rôles respectifs, de principes, normes, règles, procédures de prise de décisions et l’élaboration de programmes communs propres à modeler l'évolution et l'utilisation de l’Internet».
La gouvernance de l’Internet repose sur des conditions minimales indispensables à la création d'un système de gouvernance efficace : l'autorité, le droit, les sanctions et la compétence de juridiction. Ces quatre mécanismes rendent possible la gouvernance : l'autorité dirigeante peut prendre une décision politique applicable à sa juridiction, inscrire cette décision dans le droit et imposer des sanctions à quiconque désobéit.
L’Internet a le pouvoir d'influencer sur des plans très divers différents types de relations sociales et politiques. À la différence des médias classiques, l'architecture ouverte d'Internet limite les efforts des gouvernements visant à réguler les activités sur Internet ce qui laisse aux utilisateurs une très grande liberté pour influencer Internet à leur guise. En guise de conclusion, faut-il rappeler que l’Internet reste une révolution numérique qui continue à servir toutes les catégories des sociétés humaines qu’elles soient avancées ou moins avancées, mais ce qui est important c’est de savoir comment assurer un meilleur usage de cette technologie pour être au service du développement durable

dimanche 14 septembre 2008

Pourquoi les jeunes marocains fuient leur pays?


Pendant longtemps, les gens ont été forcés de fuir leur pays du fait de la famine, d’une pauvreté extrême et des guerres, en quête d’une vie meilleure. Les migrations, qui ne connaissent aucune frontière géographique ou légale, sont et seront l’un des problèmes centraux de ce siècle. L’immigration clandestine notamment des jeunes est désormais un problème délicat auquel se trouvent confrontés les pays aussi bien développés qu’en voie de développement. Au cours des dernières décennies, les changements politiques, économiques, sociaux et démographiques survenus en de nombreuses ¬parties du monde ont stimulé la migration internationale. Le volume croissant des échanges, la rapidité et le bas prix des transports, la facilité accrue des communications ont encouragé davantage les jeunes à émigrer au-delà de leurs frontières nationales. La mondialisation, un plus large accès à l’information et à l’internet ont sans doute rendu les jeunes plus conscients des possibilités qui font défaut dans leur pays. La télévision et les récits des migrants les incitent aussi à rêver de l’ailleurs. Au Maroc, les jeunes âgés de 15 à 35 ans représentent maintenant plus de 38 % de la -population totale. Un nombre considérable de ces jeunes possèdent, en moyen, plus d’années de scolarité, ils sont en bonne santé et ils ont les possibilités de poursuivre leurs études universitaires. Ils participent activement dans le développement économique et social du Maroc, ils désirent être des partenaires sérieux et fiables dans tout projet et politique les concernant aussi bien au niveau régional que national. Cependant, La majorité de ces jeunes tournent leur regard vers une Europe mythique qui ne veut pas d’eux, et rêvent. Leur rêve et leur vie sont ailleurs. Un ailleurs inconnu mais imaginé, fantasmé. C’est pourquoi ils veulent quitter le Maroc, se « casser d’ici », même au risque de leur vie. Le sésame (le visa) est, pour ces jeunes, impossible à obtenir. La majorité d’entre eux ont déjà demandé, au moins une fois, un visa qu’ils n’ont pas obtenu. Alors, ils tentent l’inimaginable, ils tentent La «clandestinité». Mais rares sont ceux qui arrivent dans les pays où ils envisagent d’aller, un nombre important d’entre eux ne cessent d’aller se fracasser contre les remparts toujours plus fortifiés des frontières de l’Europe. Tragédie qui se solde toujours par des morts et de blessés. De nombreux pays européens notamment l’Espagne et l’Italie, qui soufrent d’un vieillissement sans précédent de leur population, tirent profit de ¬l’arrivée des jeunes migrants marocains qui occupent les emplois les moins rémunérés que nul autre ne veut occuper. Ils fournissent de la main-d’œuvre dans l’agriculture et la construction, les services ; ils font les travaux domestiques et servent chez les particuliers, dans les hôtels et restaurants. L’émigration clandestine représente un véritable marché un Business qui rapporte gros à l’économie souterraine, Cette dernière représente 20% du PIB espagnole. Pour les réseaux mafieux très puissants et organisés, Le phénomène constitue une importante ressource financière. De ce fait, les clandestins se retrouvent sous leur emprise et n'ont aucun moyen de s'en sortir, la seule porte de sortie étant la régularisation. L'exploitation de cette émigration est telle que les mafias considèrent « le migrant clandestin comme une vulgaire marchandise sur laquelle elles feront le maximum de profit ». Elles méconnaissent complètement les lois et les droits de l'homme. L’examen de la migration clandestine des jeunes revoie à deux interrogations principales : les causes et motivations du phénomène et les perspectives d’avenir. Les motivations des migrations des jeunes marocaines sont multiples : d’ordre économique, politique, sociale, culturel. Ces causes se croisent et se renforcent. Si un jeune quitte son pays, sa famille, ses proches, sa culture, ce n’est souvent pas uniquement pour une seule raison. Une souffrance cumulée constituée de différents facteurs l’on poussé. Les principaux facteurs de la migration des jeunes sont entre autres : une croissance économique faible, une répartition inégale des revenus, des taux élevé de chômage, la pauvreté et l’exclusion, les violations des droits de l’homme ainsi qu’un faible niveau de gouvernance. Le phénomène de l’émigration exprime fondamentalement les disparités économiques qui caractérisent le Maroc et les différents pays de destination des flux migratoires, le PIB marocain en 2007 est de 80 milliards de dollar (soit 2 807 $/habitant) reste faible par rapport aux pays européens, A cet écart macroéconomique s’ajoute la répartition inégale des revenus à l’intérieur du pays, la région de Tadla Azilal et la région de l’oriental qui constituent des foyers importants de la migration sont parmi les plus précaires et pauvres du royaume, cette précarité entretient une forte propension à émigrer notamment chez les jeunes. Malgré les résultats encourageants de la croissance économique au cours des quartes dernières années, le Maroc reste soumis à une instabilité économique qui déstabilise le marché d’emploi, et l’absorption de l’offre d’emploi des jeunes notamment les diplômés se pose avec acuité. Dans ce même ordre d’idées, l’Etat marocain ne cesse pas de multiplier ses initiatives pour promouvoir l’emploi des jeunes, cela étant, le taux de chômage continue d’afficher les 10% au terme du premier trimestre 2007 contre 9,6% à la même période de l’année 2006, selon les donnés du Haut Commissariat au Plan ce taux s’est élevé à 15,8% en milieu urbain et à 3,8% en zones rurales, cette hausse a touché essentiellement les jeunes âgés de 15 à 24 ans (15,9%). Pire encore, quand les 61,6% de ces jeunes occupent des emplois non rémunérés et les 23,2% parmi ceux qui sont de sexe féminin n’étant ni à l’école ni employées, sont classées « femmes au foyer » faute de se déclarer parmi les demandeurs d’emploi. Le chômage la pression sur le marché d’emploi continue de nourrir la pulsion migratoire notamment dans sa clandestine. A coté du chômage, le différentiel des salaires entre le Maroc et les pays récepteurs des flux migratoire continue à motiver les jeunes pour s’expatrier de fait que le projet migratoire concerne aussi les jeunes qui ont un travail stable mais peu rémunérateur. Le SMIG au Maroc (9,22 DH par heure dans le secteur non agricole et de 47,77 DH par jour pour le secteur agricole) est 4 à 5 fois plus bas que dans les pays européens. Pour la plupart des jeunes marocains, le projet migratoire constitue un moyen d’échapper à l’extrême pauvreté et à l’exclusion, au Maroc le taux de pauvreté reste encore élevé, 14, 2 % lors de recensement de 2004, avec une proportion plus grande pour le monde rural en valeur absolue, c’est plus de quatre millions d’individus. L’incubation du projet d’émigrer est souvent enclencher sous l’effet d’autres facteurs à savoir la violation des droits de l’homme, un faible niveau de la gouvernance, l’impact de l’audiovisuel, l’image de réussite qu’affichent les émigrés de retour au Maroc pendant leur vacance annuelle etc. Pour faire face à cette densification du phénomène de l’émigration des jeunes marocains qui a pris des proportions alarmantes, on propose deux types de solution ; des solutions basés sur une approche sécuritaire et répressive et d’autres fondés sur une approche de développement. En effet, il est généralement admis aujourd'hui que la surveillance des frontières et la lutte contre les méfias internationales et la traite des humains sont à même de réduire le nombre de départs illégaux. Mais selon la plupart des experts marocains et européens, ces mesures de sécurité à court terme seront vaines si les problèmes de développement (promotion de la croissance économique, lutte contre le chômage et la pauvreté, l’amélioration de niveau de gouvernance, la gestion des conflits) pour une grande part à l'origine des vagues d'émigration clandestine ne sont pas abordés à fond. Malgré les actions intégrées que le Maroc a déjà entamé pour promouvoir le développement humain et du coup standardiser les jeunes dans leurs communautés, un certain nombre d’actions restent à faire en matière de création d’emploi des jeunes , de lutte contre la pauvreté et précarité et d’intégration des jeunes dans le développement économique et sociale etc. Ces actions ne nécessitent pas seulement l’intervention de l’Etat mais aussi d’autres acteurs non étatiques tels que les entreprises, les collectivités locales les associations etc. Pour les entreprises, leurs rôles résident dans la création d’emploi et l’encouragement des jeunes promoteurs notamment dans le cadre de l’économie sociale et solidaire, cette création d’emploi même de micros entreprises artisanales est la solution la plus efficace car la multiplication des emplois passera par la multiplication des employeurs. Une création par un demandeur d’emploi n’est pas qu’un chômeur en moins, c’est surtout un employeur de plus. L’intervention du secteur privé vise aussi la mobilisation de différents acteurs socio-économiques dans un nouveau partenariat pour le développement humain et la lutte contre l’exclusion des jeunes, elle permet de favoriser la créativité et l’innovation dans une perspective de pérennisation des activités de développement portées par les jeunes et/ou les ciblant. Les collectivités locales ont aussi un rôle essentiel à jouer en matière de lutte contre l’émigration clandestine. Par leur position, elles connaissent les aspirations des jeunes, mais aussi les atouts, les potentialités de leur territoire. Elles peuvent mettre en évidence et préparer les synergies. Dès lors, toute démarche de développement local en faveurs des jeunes commence par un engagement fort de la collectivité qui doit : • Etre à l’écoute, attentive à toutes les initiatives des jeunes naissant sur son territoire ; • Procéder au recensement des atouts et des faiblesses, des potentialités du territoire ; • Identifier tous les acteurs susceptibles de contribuer au projet de développement local ; • Rassembler ces acteurs, les aider à concrétiser un projet global. C’est dans cette synergie, dans cette implication forte de tous dans un but commun d’intérêt général que résident les chances de réussite du développement local et du coup l’atténuation des flux migratoires des jeunes. Pour les associations, leur intervention se fait à travers l’organisation de campagnes de sensibilisation des jeunes (Distribution de brochures, projection de filme, animation des ateliers de proximité dans les différents écoles et lycées etc.) aux risques de l'émigration clandestine notamment dans les régions qui constituent des foyers de l’émigration clandestine telle que la région de Tanger, Tadla Azilal etc. Ces campagnes visent à faire prendre conscience aux enfants et aux jeunes, des conditions réelles que vivent les immigrés illégaux dans les pays de la rive Nord de la méditerranée, elles seront encadrée par des acteurs associatifs marocains En fin, l’émigration clandestine des jeunes est un problème auquel il faut une solution intégrale. Il est donc nécessaire qu’un débat national s’ouvre, mais un vrai débat entre les différents acteurs (l’Etat, les entreprises, les collectivités locales, et les associations etc.) pour discuter franchement de cette question. C’est Alfred Sauvy qui disait : « ou bien les richesses iront là où sont les hommes ou bien ce seront les hommes qui iront là où sont les richesses » partant de ces termes simples, le problème de l’émigration des jeunes interpelle tout les acteurs en agissant sur les causes profondes et les motivations qui l’engendrent et le maintiennent.