vendredi 19 septembre 2008

الهجرة السرية : بين تنصل الجزائر من المسؤولية


على امتداد التاريخ البشري, ما فتئت الهجرة تشكل تعبيرا على رغبة الفرد في التغلب على الظروف الصعبة والهروب من الفقر وبدء حياة جديدة قد توفر له الحق في العيش الكريم .
و اليوم أدى التطور غير المسبوق لوسائل الإعلام و الاتصال و المعلوميات , الى زيادة عدد الأفراد الراغبين في الانتقال الى أماكن أخرى توفر الشغل كانعكاس أول للعولمة الليبرالية في بلدان التخلف.
وعرفت ظاهرة الهجرة تغيرات مهمة في أشكالها,(هجرة النساء , هجرة الأطفال ,هجرة الأدمغة الخ ) و أساليب تحقيقها ( الحريك , التحايل على القانون واللجوء السياسي الخ ), بزيادة اتسام أسواق العمالة و المجتمعات بالطابع العالمي واتساع الهوة بين دول الجنوب والشمال , هذه التغيرات ,بالرغم من جميع إيجابياتها ,يمكن أن تولد توترات في العلاقات الدولية خاصة بين الدول المعنية بها


وما الهجرة السرية سوى واحدة من الأشكال الجديدة ، نود عبر هذا المقال إلى سبر أغوار هذه الظاهرة التي بدأت تسيل الكثير من المداد، وتدفع نشوء العديد من العلاقات الدولية على أساس القضاء عليها، كما فتحت المجال إلى بروز العديد من المنتديات المهتمة بها، إن لم نقل أنها أصبحت ضمن اهتمامات الكثير من المراقبين الدوليين من جميع البلدان.
واستطاع العديد من الشباب بامتطائهم لزوارق الموت إلى العبور إلى الضفة التي توفر الشغل كانعكاس أول للعولمة في بلدان التخلف، كما استطاع هؤلاء إلى إعطاء صورة لأقرانهم من بلدان جنوب الصحراء (هجرة الأفارقة )إلى حذو حذوهم عبر شواطئ المتوسط والأطلنتي.
واستقبلت بلدان القوى الثانوية العديد منهم على أساس احتوائهم، وفرضوا عليها ضرورة إدماجهم في نظامها، وقتل من قتل ومات من مات.
في الوقت الذي أثارت فيه الظاهرة هواجس العديد من المهتمين بتنظيم هذه الظاهرة في نسق ما يسمى بالمجتمع المدني، ليتم الاشتغال عليهم ضمن مهامهم المدنية والاجتماعية (أي على المهاجرين السريين ) واسترزق البعض الآخر بالظاهرة نفسها من اجل مصالحة الضيقة، فأي انعكاس لهذه العلاقة بين المجتمع المدني وظاهرة الهجرة السرية في إطار العلاقة القائمة بين الهجرة والتنمية عموما؟
الهجرة،حسب العديد من المهتمين والباحثين، ظاهرة تاريخية ساهمت في إعمار الأرض، وربما ستساهم في إعمار الكون الممكن الحياة فوقه، وهي تلعب دورا هاما في تلاقي مجموعات بشرية متنوعة الثقافات، مما يسمح بالتلاقح الثقافي وبناء حضارة إنسانية مشتركة لكن ثمة أيضا الوجه السلبي.
هذا الوجه الآخر كان هو السبب في أن يكون هذا الموضوع في العقود الأخيرة قد حظي بأهمية كبرى ضمن مختلف الدراسات الأكاديمية واللقاءات الدولية ومحور اهتمام العديد من مؤسسات المجتمع المدني أو جمعياته الحكومية وغير الحكومية؛ وتشكل محور أساس العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية بين الدول، ولم يكن هذا ليكون لولا أن التطورات ذات الاتجاه الواحد والسالفة الذكر، قد سارعت في المرحلة التاريخية المعاصرة إلى تدفق المهاجرين السريين أو اللاشرعيين من بلاد الجنوب الفقير إلى بلدان الشمال الوافرة فيها فرص الحياة الكريمة، التي يخلقها تواجد فرص الشغل المنتفية في البلدان التي تصدر هذه الأعداد المتزايدة من المهاجرين ,فهنا يدخل دور المجتمع المدني ليلعب دور المنظم والمؤطر للعديد ممن فقدوا الأمل في إيجاد لقمة العيش على أٍرض وطنهم في الجنوب، وهذا يستدعي منا وقفة ولو قصيرة لتحديد المفاهيم والأدوار الممكن أن تلعبها العديد من مؤسساته.
إذا كان مفهوم المجتمع المدني لا يقتصر على الجمعيات ذات المنفعة العامة في شتى المجالات والحقول البيئية والتنموية والثقافية والحقوقية، ذات الطابع الخيري والتوجه التعاوني، فإن عمل مؤسسات أخرى في ذات المجالات، يعتبر من صميم تدخل المجتمعات المدنية،و القطاع الخاص، ومؤسسات تابعة لهيئات الأمم المتحدة،..إلخ التي تندرج بعض تدخلاتها عبر منظمات غير حكومية ضمن مشاريع المجتمع المدني ولا يهمنا الكشف عن العلاقة الموجودة بين العديد من الجمعيات التابعة لأحزاب سياسية أو نقابات أوجمعيات سياسية في إطار التنسيق بينهما من أجل تحقيق مآربها عبر أهداف معلنة وغير معلنة.
ويرى بعض المحللين أن مكانة منظمات المجتمع المدني تنحصر بالضرورة بين إرادة استعمالها كأدوات تابعة لجهات معينة تخدم أهدافها المبيتة، وبين قدرتها على فرض نفسها، كمدافع عن حقوق المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين ورصد الحقائق المرتبطة بالظاهرة.
وبالرغم من ذلك فلا يمكن نفي دورها الإشعاعي في تعميق الوعي بضرورة إيجاد سبل الاندماج في المجتمع من دون اللجوء إلى المغامرة الغير المشروعة عبر زوارق أباطرة المخدرات أو زوارق المافيات المتخصصة في التهريب؛ والتي تحقق عائدات مالية خيالية سواءا تعلق الأمر ببلدان الاستقبال أو التصدير.
اللجوء إلى القارة العجوز لا يتم فقط عبر ركوب مياه البحر بل كذلك ويتحقق عبر التلاعب بالقانون، فقد يتم تسليم تأشيرات للعديد من المندسين داخل إطارات بصفة منشطين للحضور إلى لقاءات رياضية أو فنية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية ثم يتم الزج بهم في غياهيب الهجرة السرية بعد الإبحار إلى الضفة الأخرى.
كما أن الإختباء داخل الشاحنات يشكل طريقا للعديد من المرشحين للهجرة السرية...كل هذه الأشكال مرشحة للارتفاع وإبداع أشكال جديدة للعبور إلى أوربا هذا أمر لا جدال فيه وقد يرى البعض الآخر في نفس الاتجاه أن "الحريك الجمعوي" قد يساهم هو أيضا في الانتشار المتزايد للمهاجرين السريين عبر ستار تبادل الزيارات واللقاءات بين الضفتين؛ ولا غرابة في ذلك مادام الواقع يعكس صحة تلك الاستطلاعات.
كيف يمكن التصدي لآثار هذه الظاهرة؟
وهل من الممكن أن لينعكس ذلك على الحقوق الدولية للمهاجرين في حركة تنقلهم مما ينص عن ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الثالثة عشر؟
أيمكن اعتبار الموقف القائل بأنه أضحى من الواجب التصدي لكل من "يحاول تقسيم البشرية إلى صنفين، صنف له الحق في التنقل عبر خريطة العالم، وصنف لا يملك ذلك الحق ،هو موقف معقول؟
وهل المقاربة الأمنية ستكون الحل الأنجع لحل المعضلة، التي ما فتئت تتفرع عنها ظواهر أخرى من مثيل طلبات اللجوء السياسي المقرونة بالعديد من التساؤلات؟
في هذا الصدد يمكن القول أن هذه الظاهرة استطاعت بالفعل أن تجد لها موقع مؤسساتي جديد لا في المجتمع المدني فحسب، بل أيضا على مستوى الأجهزة الأمنية للدول المعنية بها خاصة دول غرب المتوسط.
ولا أدل على ذلك من المؤسسات التي استحدثت بالمملكة المغربية خاصة مديرية الهجرة ومراقبة الحدود، في يونيو من سنة 2005
وبعد سنة من استحداثها ركزت المديرية جهودها الأمنية،حسب المدير المكلف بالملف في إستجوابه مع يومية "لوماتان " ليوم الإثنين 23 يناير 2006، في اتجاه احتواء الظاهرة والحد منها من خلال متابعة الملفات المختلفة على الصعيد الأوروإفريقي. وتحددت معالم استراتيجية المديرية الفتية في مجال تخصصها في إطار تشريعي عام (قانون03-02 الخاص بإقامة الأجانب) في خمس مكونات أساسية يتصدرها المكون الأمني، المرتبط بشكل وثيق بباقي المكونات الأخرى وهي:
- التواصل: تتطلب المحاربة في مجال الهجرة السرية، تواصل كل الأطراف داخليا وخارجيا من أجل تحقيق الهدف، وهو منع تسرب آلاف الأجانب بشكل غير شرعي على بلدان في حاجة إلى تحقيق أمنها الداخلي واستقرارها الدائم أولا وأخيرا.
- التحسيس: كما يتوقع أن يكون لمبدأ التحسيس من خطورة الآثار الناتجة عن عدم محاربة هذه الآفة، وقع خطير على كل المساندين لهذه التنقلات الغير المشروعة.
- التعاون هذا المبدأ يعد بمثابة أسس هذه المكونات، باعتباره يفتح المجال لتواصل بين الفرقاء الاجتماعيين وطنيا ودوليا، مما يسهل على الحكومات ومنظمات المجتمع المدني إلى التوصل إلى حلول ناجعة لتدبير ملف الهجرة السرية في إطار يحترم كرامة الإنسان وعدم دوس حقوقه المشروعة والمتعارف عليها دوليا.
- التنمية: منها ما هو محلي، ببلدان العبور والتصدير ومنها ما هو دولي في إطار جلب الاستثمارات الخارجية من الدول الغير المعنية بالهجرة السرية بشكل مباشر إلا أن دور التنمية المحلية في تحقيق مبتغيات الحكومات المعنية لهذا الملف يستدعي ضرورة تفعيل كل الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية في إطار القانون الدولي.
واستطاعت المديرية رصـد التحركات المتشابكة للعديد من شبكات التهريب بشتى تلاوينها منها شبكات تهريب الأشخاص و تم تفكيك في نهاية العام 2004 أزيد من 425 شبكة و أزيد من 300 شبكة عام 2005 كما أن عملها المشترك أدى إلى انخفاض نسبة المهاجرين السريين المغاربة إلى قرابة 25% في نهاية السنة الفارطة أيضا حيث أن الإحصائيات المغربية الإسبانية أحصت انخفاض 37% من زوارق الموت المألوفة الوصول إلى شواطئ المدن الإسبانية (ألميرية...)
كما أن المديرية استطاعت بفضل نهج سياسة القرب والتعاون مع الجيران إلى تنظيم رحلات تطوعية وصلت في نهاية العام الماضي إلى قرابة 23 رحلة نقلت عبرها أزيد من 3800 فرد إلى بلدانهم الأصلية؛ في ظل الاحترام الكامل لكرامتهم الإنسانية.
إلا أن هذه النتائج الإيجابية في المجال الأمني لم ترض البعض ممن أثارت غضبهم من خلال منظمات غير حكومية إسبانية وفرنسية إلى انتقاد هذه الرحلات التطوعية بدعوى لعب الدركي لبلدان الاتحاد الأوربي.
ومنها بعض التصريحات التي أعلن عنها بعض مسؤولي المندوبية السامية للأمم المتحدة الخاصة باللاجئين بدعوى أنه يتم ترحيل بعض المهاجرين الذين حصلوا على إقامتهم المشروعة في إطار اللجوء السياسي إلا أن الأمر لم يكن كذلك، خاصة إذا علمنا أن طلبات اللجوء هذه لا يحلو لها أن ترسو سفنها في غير المغرب في طريقها إلى الفردوس المفقود، إذا علمنا أن البلدان الأصلية تبعد عنا بملايين الأميال مرورا بالعديد من البلدان الإفريقية المتميزة بالاستقرار السياسي...ألخ مما يعكس النية المبيتة تحت ستار اللجوء السياسي؛ وما عملية تزوير الوثائق سوى تأكيد لها.
وهناك حقيقة مهمة , ترفض المنظمات الأوربية الاعتراف بها , وهي أن مجموعة من المهاجرين الأفارقة يتحايلون بطلب حق اللجوء السياسي , رغم أن دوافع هجرتهم الحقيقية اقتصادية , ورغم انهم لم يفروا من بلدانهم بسبب اضطهاد أو قمع ويبقى المحرك الأساسي لهجرة الأفارقة هو الهروب من الفقر و التهميش .
ولسنا ضد طالبي اللجوء ولكن ضد التحايل باسمه لأجل الوصول إلى مآرب أخرى ذات صلة مباشرة بالجريمة المنظمة،إذ يختار المهاجرين سبلا خطيرة , وغير قانونية في نفس الوقت تعرضها عليهم عصابات متخصصة في تهريب البشر على المستوى الدولي ., مما يفرض ضرورة المقاربة الأمنية رغم أن المغرب وحده لن يستطيع إيقاف زحف المهاجرين السريين الأفارقة كما أكد ذلك مرارا مسؤول المديرية المكلف بهذا الملف.
هذه النظرة الشبه موضوعية تتصادم مع واقع الحال خاصة مع أنين المهاجرين الذين يتسكعون شوارع وأزقة المدن المغربية متسولين بكلمات تجرح قلوب البعض وتثير قلق البعض الآخر.
فيجتمع البعض من المحسوبين على صفوف النضال لأجل تقديم الدعم عبر التعبير عن تفانيهم مع هذا الأنين، فتتناسل الانتقادات الموجهة في كل الاتجاهات، بدءا بالحق في التنقل وحرية الأشخاص في اختيار أوطانهم، بما هي حقوق طبيعية مرتبطة بكرامتهم الإنسانية، مرورا بحق اللجوء السياسي، الذي لا يمكن بأية حال من الأحوال التشطيب عليه وصولا إلى ضرورة بناء السياسات الأمنية في مجال الهجرة على أساس الاتفاقيات الدولية والمواثيق والعهود الدولية في احترام حقوق الأقليات، إلى القول بضرورة الدفاع عن مساواة المفاوضات الأوروإفريقية في مجال الهجرة الطبيعية للأشخاص.
إلا أن الشيء الأساسي، والمفروض أن يتصوره هؤلاء المنتقدين، يتمثل في أن التدبير الدولي لملف الهجرة، يتطلب أخذ بعين الاعتبار أن الدول المتقدمة والمصنعة تستدعي اقتصادياتها يد عاملة مطردة ومتزايدة مما يعني أن أي تدبير سلبي للملف سينعكس أيضا على هذه الاقتصاديات الرأسمالية والنيوليبرالية، رغم أن هؤلاء اليائسين في نظر البعض الآخر، أو ما سماه بعض الصحفيين " بالجراد الأسود" لن يمتلكوا ناصية التقدم التقني والمعلوماتي الذي ترتكز عليه هذه الاقتصاديات، ولكن من المفروض أنها لازالت في حاجة إلى جهودهم في شتى المجالات خاصة الفلاحة والخدمات العقارية... رغم أن هذه النظرة الدونية لا يمكن أن نتبناها أو ندافع عنها أبدا مهما كانت الظروف إذ أن ظروف التعلم والتكوين وفرصهما حين تتوفر تصنع من الأميين، عباقرة لا يمكن إهانتهم، إن لم يتم محاصرتهم بفعل العنصرية ودواعي الكراهية والتعصب والذي تعاني منه للأسف العديد من المجتمعات الأوربية رغم تقدمها التكنولوجي والصناعي في شتى الحقول والمجالات المعرفية.
فبعض المنظمات الحقوقية المحسوبة على تيارات معينة بأوروبا والمعروفة بعدائها لمصالح المغرب تنتقد طريقة وظروف عملية ترحيل 230 مهاجر سري أفارقي نهاية الشهر الماضي يتواجدون في وضعية غير قانونية بالمغرب ,من مدينة الرباط الى الحدود المغربية الجزائرية ,رغم أن ترحيلهم جاء بناءا على شكايات تقدمت بها جمعيات الأحياء بمدينة الرباط وقد تم تخيير الأفارقة بين الرجوع الى بلدانهم الأصلية ضمن الرحلات التطوعية التي ينظمها المغرب أو العودة الى الجزائر , إلا أنهم فضلوا , التوجه الى الجزائر لتجريب حضوضهم مرة ثانية للعودة الى المغرب في طريقهم الى الفردوس المفقود .
إلا أن الشيء الضروري كذلك ,والمفروض أن تفهمه هذه المنظمات الحقوقية التي تنتقد ظروف الترحيل, هو الخروقات البشعة لحقوق المهاجرين التي تقع في طريقهم قبل الوصول الى المغرب كمحطة أخيرة في السلسلة وقاعة إنتظار للعبور الى الضفة الأخرى
فالتركيز على المغرب كمسؤول وحيد على التدبير السلبي لملف الهجرة غير منطقي وغير مقبول إذ أن بلد فقير ذو الوسائل المحدودة لوحده لايمكن أيجاد حلول مستعجلة لملف معقد ومتشابك الأطراف خاصة إذ علمنا أن الاتحاد الأوروبي الذي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية يتعاطى معه بمعايير مزدوجة . .
هذه المسؤولية تتجلى في سياسته العامة المتعلقة بالهجرة والتي تتجه نحو تشجيع هجرة الأدمغة والكفاءات التي تعتمد عليها اقتصادياته الليبرالية والرأسمالية(قانون سار كوزي ) ووقف كل أنواع الهجرة الشرعية الأخرى عن طريق إخضاع المرشحين للهجرة لقانون التأشيرات الذي يستحيل معه الدخول الى فضاء أشينكن ,كل هذه القوانين ساهمت وتساهم في إبداع أشكال جديدة للهجرة السرية وبالتالي انتعاش مافيات تهريب البشر وارتفاع عدد الضحايا من المهاجرين السريين.
المسؤولية تتحملها كذلك المنظمات الأوربية وبعض الجمعيات المغربية الممولة أوربيا بتقديمها لتقارير تنقصها الدقة في المعلومات ورصد وإعطاء حقائق مغلوطة حول الظاهرة.بالمغرب.
وإذا كان المغرب يشكل استثناء في إفريقيا، بحيث أن تجربة الانتقال من أجل الديمقراطية،وانفتاحه على جميع المستويات والأصعدة تسمح لهذه المنظمات الحقوقية الدولية و الصحافة الدولية للاشتغال على الملف بكل حرية وإعداد تقارير ,إلا أن ما يجب أن يعرفه هؤلاء المنتقدين هو أن المغرب ضحية موقعه الجغرافي و لن يتمكن لوحده من إيجاد الحلول المستعجلة, رغم المجهودات التي تقوم بها المؤسسات المعنية بالملف,خاصة إذ علمنا أن من يتحمل مسؤولية موجات الهجرة السرية هي الجزائر التي تسمح للأفارقة بعبور أراضيها ولا تبدي أي استعداد للتعاون مع الأطراف المعنية بالملف بل بالعكس يتم توظيفه سياسيا للضغط على المغرب و الإضرار بمصالحه .
إن الأسلوب الحقيقي للقضاء على هذه المعضلات التي استفحلت يتجلى في الربط الجدلي بين الهجرة والتنمية عموما والمحلية خصوصا
وإذا كانت المياه إحدى قوى الطبيعة ,فإن الهجرة يمكن اعتبارها من قوى التاريخ الحتمية .و التحدي الذي يواجهنا لايكمن في محاولة وقف الهجرة ,بل في حسن إدارتها بتعاون كل الأطراف المعنية .
فالأوراش الكبرى، التي انتشرت في الآونة الأخيرة بالمغرب مثلا، والتي تتزايد بشكل مترابط عبر السنوات العشر المقبلة، تهدف إلى تحقيق أهداف الألفية في التنمية والتي يشكل هدف محاربة الفقر والتهميش واحد من مبادئها، الذي لا يمكن تجاوزه من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، الشرطين الأساسيين لإنجاز التعاون الأورومتوسطي في مجال الاستثمارات الحيوية وجلبها للعديد من مناصب الشغل لليائسين.
كما أن الربط الغير المسبوق بين أهداف الهجرة الشرعية والقانونية بهذه الوضعية الجديدة، تتوخى منه إشراك المهاجرين في تنمية بلدانهم وبالتالي ارتفاع نسبة مساهماتهم في الدخل الفردي لأبناء أوطانهم، وبالتالي المساهمة في تحقيق تنمية حقيقية من أجل التقدم والنماء والمصالحة مع هوياتهم الحقيقية.ولعل 8.6% التي تمثل نسبة عائدات المغاربة المقيمين بالخارج من الناتج الداخلي الخام، نسبة غير كافية لإنجاز مهام المواطنة الحقيقة وإرساء دولة الحق والقانون، ولكن نسبة مهمة قد ترتفع بدخول الإصلاحات الجديدة حيز التنفيذ

Aucun commentaire: