vendredi 19 septembre 2008

الشباب المغربي وسؤال المشاركة السياسية


في ظل التحولات الدولية التي يعرفها العالم على جميع الأصعدة الاقتصادية ,السياسية والثقافية لايمكن للمتتبع للشأن العام ,أن يتفاءل للأدوار التي أصبح يؤديها الشباب في تطور صنفي المجتمعات المتقدمة والسائرة في طريق النمو. ولاأحد يجادل في أن تقدم المجتمعات المصنعة والآسيوية لم يتم إلا بفضل سواعد الشباب الحضري والقروي .
من هنا أصبحت مهمة الأحزاب السياسية خاصة منظماته الشبابية وفعاليات المجتمع المدني تستوجب :
إعادة الثقة للشباب في مستقبل بلادنا الواعد . إعادة تنظيم الشباب على أساس طموحه الديمقراطي القطع مع كل الأساليب المؤدية الى العزوف عن العمل السياسي المنظم و الحزبي توجيه الشباب نحو مشاريع التنمية الحقيقية من أجل مستقبل افضل .
الشباب ,بما هم فئة اجتماعية تنحدر من أصول طبقية متباينة وتختلف من حيث وضعيتها الاقتصادية ومستواها الثقافي وبالتالي السياسي.
عموما مرحلة الشباب في كل المجتمعات تتميز بالعديد من المميزات ,ولكن أهمها ميزة الاندفاع والعطاء المتواصل حين تتوفر شروطه , كما تتميز أيضا بالإخفاقات حين تتراكم عوامل مضادة . وفي بلدنا خاصة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي عرفت هذه الفئة الاجتماعية انتكاسات كبيرة راجعة الى اختلاط الأوراق أمامها , وانتشار البطالة في صفوف المتعلمة منها, مما دفع بالعديد من الشباب الى البحث عن ملاد لم يكن سوى العزوف عن كل شيء ,عن القراءة , عن التعلم عن الرياضة وعن السياسة إلخ .
فإذا كان تقرير 50 سنة من التنمية البشرية أشار الى آن المغرب الراهن هو ورش مفتوح لرهانات متعددة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية فإن هته الرهانات لن تنجح إلا بمشاركة وتفعيل دور الشاباب في النشاط السياسي بمختلف جوانبه سواءا النشاط الوطني العام أو النشاط من خلال منظمات وأحزاب سياسية
و مع تنامي الإيديولجيات المتطرفة وجد العديد من شبابنا أنفسهم أمام تنظيمات بيروقراطية أنخرط فيها الكثير منهم من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة ولكن للأسف لن تزدهم إلا إخفاقا بتوجهاتتها المتناقضة .والنتيجة هشاشة إجتامعية و سحب الثقة في العمل السياسي .الذي أفرز بدوره تراكمات سلبية لها نتائج وخيمة (الهجرة السرية , الانحراف الخ ).
لكن يجب أن نعرف أن دور الأحزاب السياسية في تأطير العديد من هؤلاء الشباب الى جانب الجمعيات الشبابية المستقلة لم يكن الى تلك الدرجة العالية من الدقة التي تبرهن عن تقدنا الديمقراطي في التعاطي مع أهداف و طموحات هذه الفئات الاجتماعية , التي تعتبر بمثابة الخزان الاحتياطي لكل القنوات التنظيمية الحزبية والجمعوية وبمثابة الأطر التي تدفع بعجلة الدولة الى التقدم والنماء, ولعل في الأوراش الكبرى المفتوحة بالمغرب أكبر حافز بالنسبة للشباب لأجل الالتحاق بالمستقبل ولأجل استدراك ما فاته من السنوات الضائعة فكيف السبيل الى ذلك ؟
إذا كان الشاب طاقة إنسانية تتميز بالحماسة والحساسية, بالجرأة والاستقلالية وازدياد مشاعر القلق والمثالية المنزهة عن المصالح والروابط فهي تتميز أيضا بالفضول وحب الاستطلاع حيث يبدو دائم السؤال والاستفسار في محاولته إدراك ما يدور من حوله والإلمام بأكبر قدر من المعرفة المكتسبة مجتمعيا لأجل تأكيد ذاته . فكيف يمكن للمنظمات الشبابية خاصة الحزبية تربيته من أجل الاتزان ومن أجل ربطه بواقع بلده بعيدا عن المنطلقات الواهية الأقرب الى المثاليات الطوباوية التي ينطلق منها لتفسير واقع بلده المتغير ؟
إن التأطير الجاد و الفعل السياسي الديمقراطي ذو الرؤية الإستراتيجية هو السبيل الى استرجاع التوازن المفقود في المرحلة لدى الشباب مع ربطه بالمشاركة الفعالة في خلق أو راش مختلفة لبناء مشروع مجتمعي يستهدف تحقيق طموحاته في التعليم والتكوين والحرية أيضا وهذا لن يتأتى إلا بتظافر الجهود بين كل الفاعلين من أجل إعادة الثقة الى العديد ممن فقدوا الثقة في العمل السياسي وانخراطهم في بناء المغرب الحديث . إن دولة تتطلع الى بناء مؤسستها الديمقراطية المستقلة ,لا يمكنها أن تستغني عن فئاتها الشابة الطموحة في المدن كما في الأرياف .
كما لا ينبغي اعتبار الشباب صنف واحد , فالفئات المتعلمة و المثقفة وذات الخبرة و التجربة بمثابة الفئات القيادية و التوجيهية , في حين أن التي تمتلك بعض الخبرات لكنها من حيث نشاطها و الفعل المباشر تبدو خاملة وتتميز بالتبعية وقلة المبادرة , فدورها يبقى ثانوي .
لذا وجب أن تراعي هذه المميزات أثناء بناء و إعادة هيكلة المنظمات الشبابية سواءا منها التابعة لأحزاب أو المستقلة من أجل خلق ديناميكية فعالة وتأهيل المنظمة . لكن ما يجب الإشارة له هو أن هوة واسعة كانت و لازالت قائمة بين الشباب الحضري و الشباب القروي لأسباب تتعلق بالقدرات المالية وعدم توفر المنظمات الشبابية على الخطط والبرامج الكفيلة لتأهيل الشباب ذو الاحتياجات الخاصة بالعالم القروي إضافة الى أسباب داخلية تتعلق بالتركيبة الاجتماعية ومستوى الانفتاح الاجتماعي .حيث ساهمت كل هذه العوامل للحد من دور الشباب القروي في العمل السياسي و تفاقم الأزمات في أوساطه .
إن معرفة استعدادات الشباب و انخراطه في العمل السياسي و الفعل التنموي, مرتبطة جدليا بتلبية احتياجاته الأساسية وأخذها بعين الإعتبار لدى صياغة الخطط والإستراتيجيات الوطنية ,باعتبارها متطلبات ضرورية يجب إدركها ليس من قبل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين
إن المرحلة الراهنة تفرض على المنظمات الشبابية التابعة للأحزاب السياسية توفير الشروط الضرورية لغرس القيم الديمقراطية لدا الشباب من خلال تكريس تقاليد النقاش و الحوار الحر الديمقراطي وإبداء الرأي بين الجميع ونجاح هذا التوجه لن يتحقق إلا من خلال تعزيز الديمقراطية الداخلية في المنظمات الشبابية وبنية المجتمع ككل وإعادة النظر في هياكل المنظمات الشبابية وانتخابهم بقرار ديمقراطي ووفقا لمعايير الكفاءة القيادية و القدرات والخبرات إن تشكيل الهياكل القيادية لمنظمة قوية قادرة على معالجة رهانات الشباب لن تتاتى إلا بالانتخاب الحر من القاعدة الى القمة وفقا للمعايير الديمقراطية المتعارفة عليها دوليا ,بعيدا عن التعيينات الفوقية وبقرارات سياسية من الحزب او السلطة التنفيذية وبشكل مسبق والتي تقدم للأعضاء للتزكية او بالقائمة المركزية التي غالبا ما تضم عناصر تتميز بالتبعية وقلة المبادرة وضعف النشاط و المبادرة
إن إشكالية العمل الشبابي أسسها هو أن هيئات الشباب هي من القيادات غير الشابة ,أو أنها تفرض على الشباب بطريقة التعيين أو الترشيح المركزي وتساق تبريرات كثيرة حول استمرارية القيادات القديمة تحت مسميات الخبرة والمراس وسعة التجربة والحفاظ على التوارث بين القديم والجديد ,ولكنها في حقيقة الأمر ما هي الا تبريرات للحفاظ على استمرار ضمان الهيمنة الحزبية على المنظمات الشبابية من خلال بعض القيادات التي تجاوزت عمر الشباب ومنها من دخل في العقد الخامس وهو يقف على رأس منظمات الشباب ,وبما يعني احتجاز التطور للكوادر الشابة والحد من عملية التجديد ..ومن هنا ضرورة الحد الفاصل بين سن الشباب المنخرط في تسيير دوالب المنظمة الشبيبية وسن الكهول المرتبطة بقنوات الحزب وهياكله .
أن معالجة الرهانات والتحديات المطروحة على المغرب لن تتأتى إلا بفعل سياسي قوي وديمقراطي يكون الشباب من خلاله فاعلا رئيسيا ,حقيقيا ومباشرا مما يحتم على كل الفاعلين رسم سياسات وخطط متوسطة وطويلة الأجل تكون محصلتها وضع الشباب في سياقهم المجتمعي الصحيح كقوة متغيرة رئيسية ومبادرة
رشيد بداوي رئيس منتدى الشباب القروي

Aucun commentaire: